فن تدكيك اللباس
وائل الغزاوي
بالتأكد أن كل منا يعرف ما يسمي بتدكيك
الاستيك في اللباس* هات "بنسه شعر حريمي" واستيك حرير وقم بالعملية
المصرية الشهيرة التي نعرفها جميعا وصولا للطرف الاخر من الناحية الثانية ثم عقده
جيدا لكي لا يهرب الاستيك مرة اخرى.
هذا بالظبط ما يحدث في السياسة المصرية اننا
نحشر (الاستيك) في الشعب ونلفه جيدا لنصل للناحية الاخري المتشابهة تماما مع
الناحية الاولي بدون اي تطوير في العملية الفكرية الانسانية.. كنت اتوقع أن بعد
ثورة يناير 2011 التي قام بها الشباب بدون قيادة سياسية حقيقية ان تخرج بنتائج
حقيقية ملموسة واقعية تصل بنا إلى جزء ملحوظ من التطور المجتمعي والافكار التي
تغير جزء ولو محدود من الافكار المصرية التي تلوثت بمناخ الفساد الا انه لم يحدث.
تمنيت أن يحدث تطور تعليمي ملحوظ الا أننا
قمنا جميعا بنشر البوست الشهير الخاص بمصروفات الاطفال في المدارس الحكومية
المتعثرين في دفع المصروفات الدراسية.. تدكيك التبرع في الحقوق الاساسية للمواطن.
ليصل التدكيك إلى منطقة الخياطة ويتوقف قليل
او تفشل عملية التدكيك الكلية للباس بسبب صعوبة الظروف او الامكانيات او عدم وجود
ميزانيات او.. او.. او.. الا أن التدكيك لا يقف عند هذا الحد فقط بل بالتضارب في
التصريحات السياسية وزير المالية "لا نستطيع تطبيق الحد الادني والاقصى
للاجور في مصر الان".. ليخرج المتحدث الرسمي للرئاسة الدكتور ياسر علي أن
الحد للاجور تم تطبيقه منذ يناير المنصرم.. الله هو الاستيك انقطع ام لم ينقطع..
هذه المرحلة هي مرحلة انفلات الاستيك من "بنسه الشعر" لنعيد الكرة من
جديد ونكرر ونعيد ونزيد حتي ننسى هذا الموقف لنصل إلى الناحية التانية التي تتشابه
تماما مع الناحية الاولي.. وهي البحث عن لباس اخر لتدكيكه وتسمتر العمليات
التدكيكيه حتى نتوه ونصل إلى نظرية البيضة ولا الفرخة.
نندهش من تطور العالم الاخر وما وصلوا اليه
من تطور وفي نفس الوقت لم نغير شيئا حقيقيا من سلوكياتنا ولا نحاول ان نغيرها
والكثير منا يري أننا افضل شعب واخف دم والاكثر تدينا.. فاذا كنا كذلك فمن الذي
يقتل ويسرق ويختلس ويرتشي يوميا حتى بعد الثورة من الذي يقطع الطريق ويمنع الناس
من الوصول لاعمالها من الذي يذهب لعمله فلا يحسنه.. الا هذه السلوكيات غير الدين
الا هذه غير الافعال غير الاخلاق.. هل خفه الدم في اننا نعتبر انفسنا اننا نفهم في
اي شئ حتى ولو لاول مرة نسمع عنه.
الواقع والدراسات تقول اننا نستورد سلعنا
الاساسية والتافه منها اننا لا نجيد حتى اليوم صناعة ابره الخياطة.. حتى بنسه
الشعر اللي بندكك بيها اللباس مستوردة.. ليس لدينا علام يقدم افكار وان اتيحت لك
الفرصة لعمل فكرة جديدة لا تحسن ادارتها فتفشل انت وهي.. الكسل عنوان كبير مكتوب
على هذا البلد.. والاستغلال والجشع وكل العادات السئية بيننا أناس يتمنون التغيير
الحقيقي لكن شماعه الظروف تقف حاجز بينهم فاذا كنت تريد ان تتغير فيجب أن تضحي
بجزء من ما تجنيه من اخطاء ترتكبها بشكل يومي
يوجد الكثير من النماذج التي نجحت ولم تكن
الصورة بهذه السوء لكن وراء كل قصة نجاح يوجد الكثير من الصعوبات التي واجتهم كلنا
نبحث عن 100 يوم في وعد انتخابي وكلنا يعلم انه لن يتحقق.. ولا نبحث عن 100 يوم من
المشكلات المتفاقمة والوعود اليومية والايمانات المغلظه التي نحلف بها يوميا ولا
ننفذ منها شئ.. لا ادافع عن مرسي او غيره بل يجب أن يبدأ التغيير من داخلك انت..
فاليوم يمكن فيه انجاز الكثير من المهام غير الذهاب للعمل في الصباح لتكون المحصلة
الاجمالية من ساعات عملك مجرد دقائق ان تعدت الساعة الواحدة تشعر بالتعب والارهاق
والذهق.
اين نحن كشعب من هذا التغيير.. لا توجد وقفة
احتجاجية واحدة من اولياء الامور تطالب تطوير المناهج الدراسية لابنائهم.. لم يقف
احدا في ميدان عام معلقا لافته مكتوب عليها حلا لازمة المرور أو الخبز.. لم نحاول
ان نخفض استهلاكنا من الكهرباء لحل الازمة.. بالامس كنت في البنزينه لان مؤشر
البنزين كان وصل للمنطقة الحمراء ولا اذهب إليها الا في هذه الحالة.. فكان امامي
تاكسي وقف في الطابور اكثر من 15 دقيقة اخذ اربع لترات فقط لان البنزين لدية كان
ممتلئ عن اخره.. اخذ بنزين مدعوم وعطل الاخرين وعطل نفسه وبالتاكيد هو غير ملتزم
بتشغيل العداد مثل المئات من سائقي التاكسي.
في احد الايام ركبت تاكسي فلمحت في تابلوه
سياراته مفتاح الغاز الطبيعي فسالته عن عيوب وايجابيات الغاز على السيارة لاني كنت
انوي تحويل سيارتي لغاز.. فحلف بايمانات الامة الاسلامية بأنه يضع في السيارة
بنزين 92 حفاظا عليها.. فاشرت لمفتاح الغاز الموجود امامنا فصمت صمتا طويلا ولم
يستطع الاجابة.. لماذا نحن هكذا.. اذا كنت تريد ان تكون مواطن محترم في بلدك
فإبداء بنفسك ثم بيتك ثم مجتمعك ثم منطقتك ثم مدينتك لنصل جميعا لنقطة تواصل
واحدة.. وكفانا تدكيك للباس
No comments:
Post a Comment