Tuesday, July 13, 2010

الانتخابات النزيهة.. اختار طعمها

الانتخابات النزيهة.. اختار طعمها


مما لا شك فيه أن الشعب المصري لا يعيش الحياة التي يريدها لذلك يشكو من الحكومة، ولكن المشكلة أن الشعب يشكو من الحكومة للحكومة إذن هو عبر بصدق بالغ عن كلمات الشاعر الكبير نزار قباني حين قال"اشكي منك إليك".. ومما لاشك فيه أن الحكومة لا تستطيع توفير هذه الحياة الكريمة لأسباب بديهية أولا أن العالم كله تقدم ومازلنا نحن متخلفين.. العالم كله ينتج ومازلنا نحن نستهلك.. العالم كله تغير ونحن مازلنا نتفرج ونتحسر ونتفاخر بالماضي.

توجد الكثير من الاصوات التي ينادي بها بعض أقطاب المعارضة ضد أقطاب الموافقة التي تؤيد وتشيد وتطبطب بكل الوسائل على النظام لتؤكد أنه الاقدر على تحمل المسئولية وأنه لولا وجوده لما عاش هذا الشعب في هذا النعيم الذي يحيا فيه ولولا الحياة الكريمة التي يعيشها لما كان لديه القدرة على مشاهدة العالم الاخر وهو يتقدم نحو مستقبل افضل وتؤكد هذه الحاشية أن الشعب يعيش ازهى عصور الديمقراطية بدليل أن عددا كبيرا من المظاهرات والوقفات الاحتجاجية تعبر عن الديمقراطية وهو كأن تفسير الديمقراطية هو الصراخ وليس المشاركة في اتخاذ القرارات المصيرية او المشاركة في اختيار من هو الاجدر للحكم.

الديمقراطية ليس معناها على الاطلاق أن تخرج الناس تصرخ من الغلاء في الشارع ويحاصرهم المئات من الجنود بالهراوات او المصدات ويتم القبض على من يقودهم، ليست هذه هى الديمقراطية بل معنى تلك الكلمة الاخيرة التي يحلم بها الكثيرون هو تحقيق القدرة على الاختيار فاذا كانت الحكومة تريد رفع اسعار المحروقات مثلا تجري استفتاء لو وافق عليه غالبية الشعب يتم رفع الاسعار وإن رفضوا فلا يتم رفع سعر سلعة مهمة تؤثر بالتبعية على باقي السلع كما حدث منذ عامين حين تم رفع سعر المحروقات الساعة العاشرة مساء.. يا بخت اللى حط بنزين الساعة 10 إلا ربع.

ناهيك عن وهم الديمقراطية لأني لا اعتبر أن النظام الديمقراطي يعبر عن الديمقراطية.. لو افترضنا أن هناك خمسة اشخاص يريدون التصييف منهم اثنان يريدان الذهاب للاسكندرية بينما الثلاثة يريدون أن يذهبون إلى بورسعيد فبالتالي سيذهب الخمسة الى بورسعيد وسيكون لدينا اثنان ليسوا على الدرجة الكاملة من الانبساط لذلك دعونا من النظام الديمقراطي لانه لن يريح كافة الاطراف وسيخرج انواعا جديدة من المعارضة.

فمن منا يتذكر حين كان صغيرا يطمح في اكل العنب الساقع اللذيذ مع الجبن الابيض.. الا أنه يتفاجأ بأن والده دخل للمنزل ومعه عنبة واحدة كبيرة والسبب أنها ستكفي الجميع ويكتشف في مرحلة اخرى وهى مرحلة التقطيع أنها بطيخ وليست عنبا على الاطلاق.. هذا ما تفعله الحكومة توفر لنا بطيخة تكفي الاحتياجات الاساسية.

اذن فمن واجبنا أن نتضامن مع الحكومة ضد المعارضة لاسباب كثيرة لان المعارضة تعارض فقط نعم بمستندات تدين الفساد، الا أن الفساد ـ كما صرح مرارا وتكرارا رئيس الوزراء ـ موجود في العالم كله وكل الوزراء اكدوا أنهم غير مسئولين بل هم وزراء.

فماذا يشغل بال المعارضة هذه الايام غير الانتخابات فكرت كثيرا كيف تتم انتخابات حرة نزيهة بدون تزوير هو الا تتم الانتخابات على الاطلاق بالطريقة التقليدية بسبب فشلها في كل مرة بالاضافة إلى أن التجارب الاجنبية التي استوردتها الحكومة لعدم تزوير او لتزوير الانتخابات فشلت ايضا فالحل أن نتخذ وسيلة للانتخابات القادمة من الداخل وليس من الخارج.

فقد اتخذت شركة "شيبسي" التي تربت أجيال على اكياس البطاطس الخاصة بها.. فكرة رائدة في الاختيار والديمقراطية من خلال حملة "اختار طعمها" وهى مشاركة سلمية ناضجة مقلية مقرمشة.. بلا مظاهرات.. بلا قيود أمنية سيجتمع الشعب المصري ولاول مرة على اختيار الطعم الحقيقي للبطاطس.. هذه التجربة الرائدة الحرة النزيهة يمكن تطبيقها من خلال البعد كل البعد عن السلبيات التي تواجهنا.. بالاضافة إلى أنها ستوقف ضعاف النفوس منا في توجيه اصابع الاتهام نحو الداخلية مثلا في أنها السبب في محاصرة المتظاهرين.. ستكون اصابع الاتهام في هذه التجربة الرائدة نحو وزارة الاتصالات التي لن توصل اصوات الناس المعارضة برضه.

فهذه التجربة الرائدة الطازجة ذات الرائحة الجذابة هى الأساس في انتاج تجربة انتخابية ناجحة او أن يكون الحل في أن يتم ادراج اسماء من لهم حق فعلي في الانتخابات وتصنيفهم بين مؤيد ومعارض هى مش الحكومة عارفة كل واحد فينا.. وتوجد العديد من الاجهزة الامنية التي ترصد العديد من التحركات وتترجم هذا الرصد إلى نوع من التقارير، إذن هى تعرف أن احمد اذا ترشح فلان لن يرشحه لكن اذا كان فلانا مرشحا سيرشحه.. فهذا نوع جديد من الديمقراطية.. سيكون ابتكارا مصريا 100% مثل السيارة الرمسيس التي اندثرت من شوارع مصر المحروسة.


Monday, February 15, 2010

عيد الحب 2010

عيد الحب 2010

منذ عامين أو أكثر تقريبا قضيت يوما مميزا مع زوجتي حاليا التي كانت حينها خطيبتي خرجنا وتغدينا سويا في يوم عيد الحب بالرغم من عدم قناعتي بأن يكون هناك يوما محددا للحب لان الحب مشاعر انسان تجاه عدد من الاشيئاء والاشخاص يجب أن لا يرتبط ذلك بيوما محددا ليعبر فيه عن حبه تجاه من يحب حتى ولو كان ما يحبه مجرد بسكوتة من ممتلئة عن اخرها بالايس كريم اللذيذ الذي يمتعه.. مذاقه أو حتى قطعة من الشيكولاتة التي تكسبه نوعا من المزاج الخاص او كلبا يلهو معه في حديقة فسيحة أو طفلا يداعبة فيملاء الدنيا بالضحكات والقهقهات المتميزة.<p>

أمس كان يوما مميزا فكان هو عيد الحب الذي يحتفل به غالبية الناس ويسعى البعض بإصدار تشريع يحرم الاحتفال به بالرغم أن كل الاديان سواء كانت سماوية أو حتى ارضية تدعو للحب.. وبالرغم من ذلك يتجه البعض في تبريرهم للتحريم بأن هذا العيد كان يحتفل به رجل دين (قس) قام بتزويج عدد كبير من الشباب ليكلل حبهم بالزواج.. بهذه القصة التي يختلف البعض في سردها لن تجعل من العيد شيئا محرما على الاطلاق من وجهة نظري فإذا كان رجال الازهر الشريف يروا أن في ذلك شيئا من التحريم فليجعلوا الزواج مجاننا في شهر معين بالسنة مثلا أو يخصصوا أموال وقف معين لمعاونة شباب المسلمين كافة على الزواج وعلى أن يكون الزواج يسيرا دون كل هذه العٌقد والكلاكيع. <p>

فلينتهي الامر عند هذا الحد من حملات التحريم والتكفير والتشتيت فالحب هو اساس العلاقة بين الانسان والله وكذلك هو اساس العلاقة الانسانية بين الافراد والكائنات والله رحمن رحيم والرحمة لا تأتي من دون حب.. فليبقى الحب والمشاعر الانسانية الجميلة ليبقى الانسان قادرا على كل شئ في الوجود. <p>

فهذا المواطن المطحون الذي يسعى على أن يصل إلى عملة في الزحام الشديد والعراك المتواصل مع سائق الميكروباص والتصارع المتواصل بينه وبين عقربى الدقائق والساعات وهو في محاولات دائمة للوصول إلى مكان عمله دون تأخير لكى لا يقع عليه جزاءات قد تحرم زوجته الممتلئة ـ التي لا تشبه بأى شكل من الاشكال أى من الفنانات التي ينظر لهم وهو يلحس شفتيه بطرف لسانه حين يراهم على شاشة التليفزيون ـ من أكله مسقعة متعاصة ببعض من اللحم المفروم المستورد من اخر العالم.. وهذا الرجل أيضا الذي يسعى جاهدا لشراء لعبة حقيرة لا يتعدى ثمنها الجنيهات الثلاثة ليسعد أبنائه ويستمر صراعه وحبه المختلطين ببعضهم البعض ليكتشف أنه في النهاية يحب كل منهم ويحب والديه ويحب زملائه في العمل ويحب مديرة السخيف الا أنه لا يكتشف طعم الحب بسبب ما يعانيه لكنه يستشعره من حين إلى آخر. <p>

فطعم الحب يجب أن يستمتع به الجميع لانه حق إنساني لا يمكن أن ينكر قيمته أحدا على الاطلاق ومن يفعل ذلك فهو جاني ويستحق أبشع وسائل التعذيب التي لن يستطيع أحد أن يطبقها عليه بسبب أنهم محبين. <p>

صراع الحب هو من أقوى الصراعات على الاطلاق في هذا العالم ويمكن أن يجعل بين المحبين نوعا من الاشتياق واللهفة أقوى من الحب ذاته فلندع الجميع يستمتع بما يريد من طعم للحب فكل منا لدية القدرة على التذوق وليس هناك طعما واحدا يمكن أن يوصف لهذا الحب. <p>

فاتني الكلام وفاتني كل شئ امس بعد أن اتفقت مع زوجتي على أن أنام ساعتين لاستيقظ وااخذها إلى السينما لنستمتع بفيلم رسائل البحر لمخرجه داود عبد السيد والذي سبقو ان شاهدته في العرض الخاصة له.. نمت واستيقظت وكان نور ابني ذو الدم الخفيف كان يبدأ مرحلة نعاس لنستطيع أن نخرج سويا.. وفي اطار الترتيب على الخروج استيقظ المدعو القصير ليكتشف أننا مازلنا مستيقظين.. جلس بمفردة في الصالة حيث كنت فاتحا للاب توب الخاص بي اتابع بعض الاشياء فوجدني مشغولا فخرج ليجلس وحيدا.. اخذته من يده ليجلس إلى جواري.. بحثت له على موقع اليوتيوب الشهير على افلام "توم اند جيري" وجدت له الكثير والكثير جلس على ساقي وبدأ يستمتع بالمشاهدة كنت مستمتعا اكثر منه في الحقيقة لوجوده إلى جواري بهذا القرب.. وكل حين اقبله وهو يشاهد بابتسامة طفولية لا يمكن وصفها.. كانت امه تتابعنا باستمتاع شديد قد يكون أكثر من استمتاعها بفيلم سينمائي بالرغم من عشقها الشديد لهذا النوع من الفن. <p>

فجأة ودون سابق انذار انتابه الملل تركني ليلعب قليلا ثم يعود ظللت العابه حتى غالبني النعاس كان احساسا جميلا.. هو أني احتفلت بعيد الحب ولكن بعيدا عن صخب اللون الاحمر والدباديب والكافيهات الممتلئة عن اخرها بمجموعة من العشاق.. أو الحدائق التي تفيض بكلمات الغزل والعشق والهيام والتسبيل. <p>

اشعر بهذا العيد الخاص جدا بنوع شديد من الخصوصية مع العام الاول الذي يدرك فيه نور أنه يمكنه أن يشاهد نوعية الافلام التي يحبها من خلال هذا الجهاز الذي طالما يستفزه وجوده بسبب انشغالي عنه به. <p>

Sunday, February 07, 2010

رسائل البحر.. سينما داود عبد السيد

رسائل البحر.. سينما داود عبد السيد





"رسائل البحر" هو الفيلم الذي تمكن المخرج داوود عبد السيد من تقديمه بعد أن قامت الرقابة على المصنفات الفنية بإجازته، وذلك بعد أن وضعت عليه ملصق "للكبار فقط" وقد يكون لديها الحق في ذلك بسبب أن الفيلم ليس تجارياً بالمعني الدارج لدى العديد من المشاهدين.. فهو يحمل فلسفة عميقة قد لا يستوعبها البعض ممن ليس لديهم خبرة أو رؤية الاستمتاع بالفن السينمائي الذي يعد من أهم عناصره الأساسية "الإبهار والإمتاع والتشويق".

فقد استطاع المخرج داوود عبد السيد أن يجمع هذه المعادلة الصعبة دون أن يكلف المشاهد عناء الاستيعاب مقدماً عدداً من الشخصيات التي تدور الاحداث حولها أو بمعنى أصح هى التي تحرك الحدث الدرامي في الفيلم موصلا عددا من "رسائل البحر".. التي قد لا نستطيع أن نترجمها إلى أنها رسائل قد تهم البعض منا وقد يخشاها البعض الاخر.. وصولا لحالة من الامتاع العميقة التي تجعل المشاهد يتفاعل مع الشخصيات دون أن يكون مدافعا عن أحد أو واقفا ضد البعض الاخر فكل منهم يعاني هما وله أسلوب حياة خاص إلا أن ما جمعهم هو هدف الحياة.. الابطال الذين قدمهم داوود عبد السيد في فيلمه الاخير الذي عاد به بعد ما يقارب من 10 سنوات لا يتعدون عدد أصابع اليدين إلا أنه استطاع أن يجعلهم يوصلون رسالة من "رسائل البحر".

وهذا ليس غريبا على المخرج داوود عبد السيد الذي يستخدم ادواته الإخراجية باحتراف شديد دون أن يغفل شيئا قد يجعل الفيلم باهتا، ودون تفاصيل كثيرة، فمجموعة الحالات التي استطاع أن يقدمها جعلت من فيلمه يطرح تساؤلات عديدة داخل أذهان من استوعبوا الفيلم وتعايشوا مع الحالة الدرامية.


فاستطاع أن يقدم "مستر سين" ـ مشهدا اساسيا ـ خلال الفيلم ليحمل بعدا دراميا عميقا والكثير من المعاني الكاملة لحالة بطله.. جاعلا بطل الحدث الحقيقي هو "نوة" شتاء الإسكندرية ليقدم حالة سينمائية كاملة وقد يكون ما قدمه من صعوبة في تصوير "نوة" شتاء عنصرا اساسيا للتميز، فكان صوت الرعد حقيقيا والاضاءة وكل عناصر المشهد حقيقية ولذلك أوصلت المعني أو رسالة من البحر.


التوقع

كان من أهم العناصر التي لعب عليها مخرج فيلم "رسائل البحر" داوود عبد السيد صاحب التاريخ السينمائي الكبير ليس بعدد الافلام إنما بقدر الافلام التي قدمها والتي أثرت بكافة الأشكال فى تاريخ السينما المصرية.

فخلق من كل مشهد توقعا داخل المشاهد ليتوقع ما يمكن أن يحدث.. ليقدم داوود عبد السيد خروجا عما هو متوقع لدى المشاهد ليخرج من التقليدية في سرد الحدث الدرامي وهذا ما مكنه من أن يبدأ في اللحظة التي يريدها تحديدا ويتوقف بعد أن يقدم الرسالة التي يريد أن يتوقف عندها.

الإغراء

تعاني صناعة السينما المصرية في الوقت الحالي من تقديم العرى على أساس أنه موظف دراميا.. إلا أنه استطاع أن يقدم إغراء حقيقيا دون أن يقدم عريا مبتذلا فنظرة العين التي تحمل الكثير من الشبق والرغبة في الاستمتاع وكذلك الصورة "الفلو" التي توقع الجميع أن الكشف عنها سيحمل الكثير والكثير من التغير الدرامي في الحدث وصلت حالة مقنعة لهدف المشهد ليثبت مدى قدرته على تحريك المشاعر من خلال ما يستوعبه المشاهد دون أن يقدمه بشكل مباشر صريح قد يعاب عليه أنه قدمه من الاساس فالإغراء في هذا الفيلم افتقدته السينما المصرية منذ أن توقفت الفنانة القديرة هند رستم عن تقديمه.


الموسيقى التصويرية

راجح داود اسم من الاسماء المصرية التي تستطيع أن تقدم موسيقى تصويرية حقيقية تحمل الكثير من المعاني التي تفيد المشهد دون أن تكون مشتتة له بأى شكل من الاشكال.. فما قدمه في هذا الفيلم ليس غريبا على تاريخه الفني الزاخر بالعديد من المقطوعات التصويرية ومشاركته للمخرج داوود عبد السيد هو نوع من الدويتو الذي نتج عن فهم كل منهما للاخر واستيعاب كامل لما يريد الاخر توصيله من عمل وحالة درامية.

الديكور

الدكتور أنسي أبو سيف هو مهندس الديكور والادارة الفنية لهذا العمل جعل من كل ديكورات الفيلم لوحات مستقلة بذاتها فالدفء الموجود في شقة "فرنشيسكا" هو الجو الاكثر تناسبا والمساحات الشاسعة داخل شقة "يحيي" هو الذي أوصل الحالة الرائعة لوحدته التي يعيشها فكل ما قدمه سواء من ديكورات بالفيلم أو "ارت ديركتور" إدارة فنية أثبت قدرته الفنية وتاريخه الذي لا يمكن أن ينكره أحد على الاطلاق فهو قادر على استخدام ادواته جيداً.


الصورة

ما قدمه أحمد المرسي من إدارة التصوير السينمائي هو إدارة حقيقية لكل كادر ليقدم مجموعة من الكادرات السينمائية التي استطاعت أن توصل "رسائل البحر" لمستقبليها.. مستخدماً عدداً من الفلاتر التي زادت من الجمال والعمق الدرامي للمشهد بالاضافة إلى أنه استطاع أن يجعلنا نشعر في كل لحظة باستمتاع شديد من خلال عدساته.


آسر ياسين.. يحيى

مما لاشك فيه أنه فنان قوي جدا قدم عددا من الادوار التي أهلته أن يكون بطلا لهذا العمل الفني المتكامل فكان عنصرا اساسيا في الفيلم ليس لكونه البطل فقط بل لانه استطاع أن يكون محورا مهما سواء على المستوى الدرامي للاحداث أو لادائه التمثيلي الرائع الذي استطاع أن يقدم شخصية قد نصادفها في حياتنا العادية.. فالتلعثم بالكلام ليس دورا سهلا على ممثل طوال أحداث فيلم بالكامل فقد أعطى انطباعا حقيقيا وواقعيا لصعوبة مخارج الفاظه.

ليس هذا فقط فحالة الوحدة التي يعانيها كشاب قدمها بمنتهى العمق مما يؤكد أنه درس الشخصية باحتراف كامل.. في بعض الاحيان كان يتحدث بشكل سليم دون أن يتلعثم في الحروف ليس اغفالا أو استسهالا منه إلا أن ذلك كان في حالات السعادة التي كان يعيشها داخل الحدث الدرامي.. كما أنه قدم فلسفة جديدة داخل أحداث الفيلم.. فكان صمته أشد قسوة.. من جمل كثيرة قد ينطقها بطريقة شديدة الاحتراف.

فقد استطاع أن يقدم شخصية جديدة ستكون نقلة اساسية في تاريخه السينمائي الذي بدأ بالفعل منذ فيلم "زى النهارده".. يتبقى أن نقول له استمر في التقدم للأمام.


بسمة.. نورا

هذا الدور نقلة جديدة في حياتها الفنية فقد جسدت دورا جديدا كعادتها فأكثر ما يميزها أنها لم تكرر نفسها في أى دور جسدته أمام عدسات الكاميرا.. أوصلت العديد من الاحاسيس وظلت علامة استفهام غامضة طوال منتصف احداث الفيلم لينكشف عنها القناع ونعرف من هى بالتحديد في مشهد قدمته بمقدرة عالية جدا.. لتزيد التأكيد على قدراتها التمثيلية التي يتم اكتشافها في كل مرة تقف فيها أمام عدسات الكاميرا.


سامية أسعد.. كارلا

حالة الشبق مع الشعر المنهدل على ظهرها بحركة الشفاه التي تريد من يلتهمها.. هى التفاصيل التي حافظت عليها سامية في تجسيد دور "كارلا" الفتاة ذات الاصول الاوروبية والتي تعيش مع جدتها.. لتدخل في تجربة جنسية "شاذة".. قامت بتجسيدها بخبرة فنية استطاعت أن توصل كل الاحاسيس دون أن يرى المشاهد من جسدها الكثير لتقدم إغراء حقيقيا من خلال نظرات العين وحركات الوهن والحب والاستمتاع.


دعاء حجازي.. مدام ريهام

بالرغم من ما قدمته من عرى إلا أنه ليس عريا بالمفهوم الدارج فليعتبر ما كانت ترتديه "مايوه".. لان ما قامت به من دور مسيطر على مشاعر "كارلا" التي كانت في حاجة ملحة لهذه الاحاسيس المتلهفه لها.. فبالرغم من قله مشاهدها في الفيلم إلا أنها استطاعت أن تقدم دورا حقيقيا موصلا الاحاسيس الكاملة.. لكل مرة ظهرت فيها داخل أحداث الفيلم.


صلاح عبد الله.. الحاج هاشم

ظهور خاص للفنان صلاح عبد الله.. هكذا تم تقديمه على تتر المقدمة لفيلم "رسائل البحر" ليقدم من خلال قدراته التمثيلية الرائعة دورا ممتازا في عدد من المشاهد التي تضمنتها دراما الفيلم.. فهو مما لاشك فيه لديه قدرات تمثيلية جبارة سواء تراجيديا أو كوميديا ففي كل مرة يثبت أنه بالرغم من تفوقه إلا أنه يتقدم بخطى ثابتة جدا.


محمد لطفي.. قابيل

"قابيل" هو حالة من بين الحالات التي قد نلتقي او لا نلتقي بها في الحياة إلا أن حالة التعاطف والفلسفة التي قدمها من خلال دوره في الفيلم أثبتت أنه فنان بدرجة جيد جدا إلا أنه كان منتظرا أن يعاد اكتشافه واستخدامه داخل احداث فنية حقيقية تستطيع اخراج الممثل القوي داخله.. فهو من نوعية الممثلين الذي يمكن أن يخرجوا كل ما بطاقتهم الفنية لكن مع توجيهات مخرج قوي وهذا ظهر جدا في فيلم "كباريه".. فكان دوره بمثابة الصدمة للجميع ليثبت أن بداخله طاقات فنية لم تخرج بعد.. وتريد من يخرجها.


مى كساب.. بيسه

لا بد وأن تخرج عن هذا الدور الذي تقدمه باحتراف كامل لتعطي الفرصة للحكم عليها بشكل جيد كممثلة.. فدورها قد يكون بينه وبين "شوقية" في مسلسل السيت كوم "تامر وشوقية".. تشابه كبير فالاختلافات طفيفة جدا مما يصعب الحكم عليها في دورها بهذا الفيلم.


نبيهة لطفي.. فرنشيسكا

هذه السيدة الجميلة التي استطاعت أن تجسد دورا غاية في البساطة بالرغم من عمقه الشديد وتفاصيله التي تظهر من خلال خبراتها الكبيرة بالحياة وحبها لها.. فصمتها كان تمثيلا مقنعاً.. فالدور اجمالا قدمته بجدارة.


اجمالا الفيلم يعبر عن لوحة فنية رائعة لمن يريد مشاهدة الفيلم يجب أن يدرك أن ما قدمه داود عبد السيد فنا سينمائياً متكامل العناصر.. فهو وجبة دسمة من الاستمتاع والمشاعر التي قد نستشعرها جميعا من خلال عدد من الشخصيات التي تعاني مما نعانيه وتحب وتعشق ما نحبه.. فجميع هذه المشاعر التي استطاع أن يخرجها على شاشة السينما هى أحاسيس مجموعة من الشخوص كل منها يعيش في جزء من داخلنا.. كما أن للفيلم فلسفة عميقة يمكن أن نستوعبها إذا كان لدينا هذه القدرة على الاستيعاب.

"رسائل البحر" هو رسالة قد تكون مبهمة التفاصيل لا يستطيع أحد على ترجمتها إلا أنها تحمل الكثير من المعاني والاحاسيس.. الفيلم حاصل على منحة من وزارة الثقافة وأخذ الجائزة الاولى مناصفة في السيناريو الذي كتبه مخرج الفيلم بعناية شديدة جدا من جمعية نجيب ساويرس.

ليبقى سؤال هل وصلتك رسالة من "رسائل البحر"؟ الإجابة حتما ستكون في دراما الفيلم فلتبحث عنها بنفسك... بداخلك وبداخل أحداث العمل الفني المتكامل.