Tuesday, July 25, 2006

لحظة صمت طالت

كنت هناك ألهو مع الأصدقاء في حديقة قريبة من منزلنا.. عدت وكانت ملابسي متسخة من اللهو.. عنفتني أمي ليس لأني لهوت لكن لأني أرتديت هذا الرداء الذي كان من المفترض أن ارتديه غدا.. في فرح أبنه عمي الكبيرة التي تحب خطيبها منذ وأن كانت في سني وهو يبادلها نفس المشاعر.. بالرغم من صغر سني فأنا لم أتعدى العاشرة بعد.. بالرغم من ذلك إلا أنني أشعر أن الحب شيء جميل فأبي يحب أمي وأمي أيضا.. وأحب أخوتي وصديقاتي.. وحين اتركهم أشعر تجاههم بالاشتياق

دخلت غرفتي ذات اللون الهادئ.. تلفت حوالي فصادف عيني هذا الكتاب الموجود على الرف حين أكون هنا في بيت جدي.. أحب أن أدخل هذه الغرفة التي ولدت فيها وتركتها من سنتين فقط.. أنا أيضا أحب جدي وهو الآخر يعبر عن ذلك حين يأخذني معه إلى البحر ليقوم بهوايته الهادئة وهى اصطياد السمك.. على البحيرة القريبة من منزله
أخذت الكتاب من على الرف.. به مجموعة جميلة من القصص تبدأ بقصة السندريلا وتنتهي بالصندوق المسحور.. يجمع مجموعة جميلة كما أن كلماته بسيطة.. أستطيع قرأتها بطلاقه.. أشعر حين قرأتها.. بأني أستعيد الأيام التي كانت تقوم أمي باحتضاني على السرير وهى تربت على كتفي بحنان وتداعب شعري بأناملها الدافئة دوما.. غفوت وأنا أقراء في الكتاب لكني كنت مستمتعة بذلك.. نعم كنت مستمتعة.. فقد استيقظت على صوت مزعج لم أسمعه منذ فترة وكان البيت مظلم.. لم أرى شيئا كنت أسمع صرخات مدوية في طرقات المنزل.. كان من بينهم صوت أمي نعم كانت تنادي على من بعيد والصوت لم يتوقف بل توالى وأستمر لمدة تزيد عن ال.. لم أحدد الوقت بشكل صحيح.. احتضنتني أمي لكن بخوف من شيء لم أكن أستوعبه في هذه اللحظة بالتحديد

خرجنا من المنزل مسرعين.. إلى أقرب خندق.. فكنا نتحضر لنحضر زفاف أبنه عمي غدا.. جرينا في الظلام.. ودخلنا تحت الأرض مثل الفئران التي تخشى نيل الصائد منها.. طمأنتني أمي وهى ترتجف خوفا من شيئا لم أكن استوعبه.. فأصوات الانفجارات والاستيقاظ فزعا من نوما هادئا افقدني.. التركيز وفهم الأشياء المتلاحقة في هذه الليلة.. كان يوجد رجلا هناك يجلس في هذا الركن وكان يحمل راديو صغير.. وقال المتحدث من خلال السماعة الصغيرة قصفت قوات الاحتلال الإسرائيلي جنوب لبنان

لقد بدأت استوعب بعض الشيء ما يجري من حولي فهمت أن هذا الصوت كان صوت الغدر.. صوت الغدارين.. لقد أفزعوني ولابد من أن أقوم بفعل أكثر قوة ضدهم.. لقد اخافوا أمي

تسمر عقلي مكانه للحظات.. أبي هناك في بيروت.. صرخت صرخة عالية أمسكت أمي بيدي وهي تبكي احتضنها جدي.. وأصبحنا ملتحمين.. وكأننا قطعة من الصخر المنحوت.. لم استطع كثيرا على التفكير لكن ما يجب أن أصل إليه هو أن أكون قوية.. لن أصرخ مرة أخرى فزعا من أحد

Saturday, July 01, 2006

ســلــطــة الـتـعـبـيـر
لم أنم منذ الليلة الماضية ألا سويعات قليلة غفوت حينا وصحوت أكثر.. غداً يوما حاسما.. عملت طوال الفترة الماضية من أجله.. حل التعب علي لكني لن استسلم فسأقضي على إرهاقي ومخاوفي.. سأعمل ما في قصارى جهدي..
لأني وعدت نفسي قبل الجميع باجتياز هذه المرحلة

أستيقظت بعد الغفوة الأخيرة حوالي السابعة صباحا جمعت أشيائي القليلة وأنا مازلت أرتعش خوفا.. صليت الصبح ثم
من بعدهما ركعتين لله.. وقفت أمام المرأة.. وجهي شاحب جدا.. والإرهاق ظاهر على معالم بشرتي.. ارتديت ملابسي مسرعه.. استوقفتني أمي أمام باب الغرفة ممسكة بيدي وهى تقولي لا تتسرعي حافظي على هدوئك.. بالرغم أنه ليس موجودا من الأساس.. وأخذتني معها لتناول الإفطار توقفت أمام طبق من الفول وعدد من أرغفة الخبز.. لكني لم استطع أكل شيئا على الإطلاق بسبب توتري.. سمعت دعاء أمي وأنا على باب الشقة.. مشيت في الشارع وكلما اقتربت ازداد خوفي.. لكني وصلت إليها.. كان بابها مفتوحا ويوجد عدد من صديقاتي بالداخل.. تجمعنا وبدأنا في المراجعة السريعة.. كنت بين الحين والآخر أشعر بالنسيان.. أو التعب كنت واقفة مترنحة من شدة الإرهاق

التاسعة تماما.. بدأ المراقب في توزيع ورقات الإجابة وبعد لحظات بدأ يملي تعليماته.. "محدش يبص جمبه.. اللي هشوفه بيغش هسحب ورقته.. مفيش حمام.. مفيش مايه.. مش عايز دوشه.. عايز ارمي الأبره ترن.." ثم بدأ يسلم ورق الأسئلة وهو يتلفت حوله في أرجاء الفصل.. بدأت في قراءة ورقة الأسئلة بعد كتابتي بياناتي على ورقة الإجابة وقراءة بعض من آيات القرآن الكريم

امتحان الفصل الدراسي الثاني ــ الصف الأول الثانوي ــ مادة اللغة العربية ــ مدة الامتحان ساعتين.

السؤال الأول أختار واحد فقط موضوع التعبير

لم أكن بليغة في اللغة العربية بالقدر الذي يؤهلني للكتابة باستفاضة واسترسال في موضوع تعبير كهذا الموضوع لكني كنت أشعر بشيء ما أعاني منه أنا وأبي وأخواتي وأمي بل المجتمع كله أن لم أكن مبالغه في ذلك.. أشعر بقسوة بداخلي ليست موجهة لأحد لكني أستشعرها بقوة.. ضاق صدري كثيرا وجاء وقت الانفراج.. والبوح بالكلام.. كتبت كلمات سريعة ومتدفقة متتالية جاءت من داخلي أنا.. الفتاة الصغيرة التي لم تكمل الخامسة عشر من عمرها.. أحسست أني قد أكون محقه في ما أكتبه.. أشعر وكأني أنجز شيئا مهما في حياتي من خلال التعبير.. أنه التعبير حقا فأني أعبر عما بداخلي من خلال موضوع يسمى موضوع التعبير.. لم أتوقف قبل أن انتهي من الكتابة كاملة.. لكني فرغت من شحنه كانت بداخلي.. أكملت الإجابة عن باقي الأسئلة المطلوبة مني وخرجت من لجنه الامتحان وأنا أشعر بالنشوة والفرح والسعادة لما فعلته فهذه المرة الأولي التي أعبر فيها عما بداخلي دون أن يمنعني أحد

الفرحة لم تدم طويلا فقد أتوا إلي البيت وأخذوني معهم إلي مكان لا استطيع تحديده أو وصفه فهو مكان مقبض للروح استشعرت في البداية أن هذا هو القبر وتوالت عليا الأسئلة.. كثيرة غير مفهومة طويلة.. لم استوعب كيفي الإجابة أو عن أي منهم أجيب..

أجهشت عيني بالبكاء لم أفهم شيء عن ما يحدث في هذه الغرفة.. وكانت النهاية هي توجيه عدد من التهم لم أفهم منها ما يضر أو ما يسر.. وعلمت أني رسبت في المادة التي كان يجب أن أعبر فيها من خلال التعبير.. لدرجة أن رئيس الجمهورية تدخل بذاته.. لحل الكارثة التي ارتكبتها في حق الذات البوشية والسياسة الداخلية المباركية

طلب مبارك أن "يكتفي المسئولون في المديرية التعليمية بلقاء الطالبة، ليشرحوا لها أن ما ارتكبته يعد خطأ، على أساس أن التعبير عن آرائنا السياسية تجاه القضايا المختلفة أمر إيجابي، ونحن نشجعه ونشجع مشاركة الشباب، ولكن في سياق أخلاقي، بعيداً عن أي خروج على الأخلاق، وأيضاً أن يتم ذلك في مجاله الطبيعي من خلال النشاطات الطلابية والصحافة المدرسية وليس في كراسات الإجابة"

صحيح كلام جميل.. التعبير عن الرأي شيء ايجابي لكن كيف نقنع الحرية في مجالات كيف أكون حرا في مكان ومقيدا مكبلا مكتوما ومخروسا في مكان آخر بالرغم من أني هو ذات الشخص.. توقفت عن التعبير وعن البوح سأنضم لقائمة المخاريس.. لكي لا أكون من بين هؤلاء أو هؤلاء ولكي لا تجمعوني أشلاء
وائل الغزاوي