Tuesday, May 12, 2009

بدنا سيصان

بدنا سيصان

اتذكر حين كنت طفلا صغيرا أذهب مع أمي الى سوق الخضار.. لنشتري المتطلبات الاسبوعية وكانت تشتري لي الحلوى والايس كريم.. ونحن في طريقنا.. وفي موسم الصيف كانت الحلوى المفضلة التوت الاسود.. وشراء الكتاكيت.. الصغيرة لتربيتها في البلكونة واللهو معها طوال فترة نموها.. افتقد رؤية رجل فقير معه المئات من السيصان (الكتاكيت) في الشارع ليتكسب من بيعهم.. وليسعد المئات من الاطفال.. لكن الان أصبحت الدجاجة بمثابة عصر الديناصورات.. تجتاح البيوت بمرض قاتل.. وتعدم وتحولت إلى كائن مجمد جف داخل البرادات لا يوجد به حياه.. مدموغا بعدد مهول من الاختام تؤكد سلامته من المرض الفتاك القاتل


حين تتحول الفراخ ذات الالوان المتعددة والعيون الزرق الجميلة من اللهو داخل اقفاص من الخوص تطورت مع الزمن لتصبح من البلاستيك.. تأكل الذرة أو بقايا الخبز المبلول في مياه.. الذي أصبح من الصعب الحصول عليه بعد صراع طويل مع عدد من الطوابير في ظل السياسة الحكيمة لفصل الانتاج عن التوزيع.. فهذه العملية شديدة التعقيد التي شملت جهود وزارية كثيرة.. لحقن دماء المواطنون المطالبون برغيف من الخبز.. تذكرني بفصل وتخصيب اليورانيوم


نفقد الكثير من الذكريات كما أن أبناءنا لن يكون لهم مثل هذه الذكريات بسبب ما فعله البعض منا.. من فساد للارض.. لتصبح الحياة أكثر حرصا من التعامل مع كل الكائنات المحيطة بنا.. اتذكر جدتي رحمها الله حين كانت تسعد بتربية الطيور في المنور.. وكانت تسعد أكثر بلم شمل الأسرة.. على عدد من الفراخ التي اعتنت بتربيتهم بنفسها


أسف بطلت اكل فراخ.. هذه المقولة التي أصبحت تتردد على مسامع الكثير منا وبالتحديد في العزومات التي نادرا ما تحدث.. بعد أن تحولت الفراخ إلى وحش كاسر.. لا يمكن التعامل معه


نور أبني ذو الشهور الست.. كنت اتمني ان يربي سيصان كما يطلق عليها أهالي لبنان أو الكتاكيت كما نسميها نحن.. كنت اتمني ان يأكل من الفراخ.. ليستمتع بطعم الوراك المسلوقة أو المشوية أو المطبوخة مع صنية بطاطس.. غير ملوثة هي الاخرى بالسرطان.. اتمني أن يحى ابناءنا.. بلا امراض تخطف بسمتهم من أمام أعيننا.. اتمني أن يستمعوا إلى موسيقا بها نغم يمتع أذانهم.. أن يلهو في حدائق خضراء فسيحة يستمتعون بالهواء النقي.. وينامون دون أن يلدغهم الناموس الذي انتشر في مصر كلها.. احزن وتكاد أن تفر من عيني دموع بسبب حصرتي على مصر.. القاهرة العامرة.. الاسكندرية منارة العالم.. هذه البلد التي تمتلك تاريخا لا يمتلكه أحد سوانا.. لكنها تتباهي بالتاريخ وحين تأتي سيرة الحاضر أو المستقبل نردد كلنا ربنا يستر علينا

No comments: