حكاية "يعقوبيان" عمارة وفيلم يرويان قصة مصر كلها
حين تشاهد فيلم "عمارة يعقوبيان".. تشعر وكأنك دخلت العمارة نفسها لكنها تتجرد من الجدران التي يستتر بها السكان وتنكشف لك حكايتهم من خلال رواية الكاتب الكبير علاء الاسواني.. فكانت قبل ثورة يوليو 1952، لا يسكنها إلا البشوات والأثرياء وبعدها سكنها عدد من الضباط "الانتهازيين".. ليختلط الحابل بالنابل بعد سياسة "الانفتاح" فكل من معه ثمن شقة فيها عاش خلف جدرانها العريقة.. ليتحول الطابق الأعلى منها "السطوح" إلي عشش وغرف من الصفيح تعج بالفقراء
حيث قدم السيناريست المبدع وحيد حامد من خلال رؤيته المتميزة مشاهد أكثر تركيزا على الأحداث والشخصيات.. وقدم الفيلم من بعد إخراجي افتقدته السينما المصرية منذ فترة طويلة المخرج مروان وحيد حامد ويتجسد ذلك في عدد من المشاهد والانتقال بين الأحداث ببساطة ونعومة مما يؤكد أنه محترفا متمكنا من أدواته الإخراجية.. ويبدع أبن الباشا "زكي الدسوقي" الفنان عادل إمام من خلال أناقته ورونقه الذي مازال محافظا عليه فقد درس بالخارج والآن يعيش بين جدران يعقوبيان ليستمتع بحياة رخيصة في بارات وسط البلد ويعاشر فتيات أكثر رخصاً.. يسكن مع أخته "دولت" أو الفنانة إسعاد يونس المتسلطة سيئة السمعة، التي تحاول طرده من الشقة التي يعيشا فيها سويا وتنجح في ذلك.. ينتقل للعيش في مكتبه مع خادمه "فانوس" الذي يقوم بتجسيده في هدوء وخبث بالوقت نفسه الفنان أحمد راتب. بينما نرى ماسح الأحذية الذي وصل إلي لقب المليونير بطرق غير مشروعه هو "الحاج عزام".. يجسد دوره الفنان المتميز نور الشريف
ويمتلك عزام نصف محلات وسط البلد تقريبا وتوكيلات تجارية للسيارات.. يدخل مجلس الشعب عن طريق السياسي المشهور "كمال الفولي" أو الفنان خالد صالح الذي يحاول جاهدا للوصول إلى النجومية التي حققها بالفعل من خلال مشاركته في هذا الفيلم فهذا الجزء من الفيلم به العديد من الإسقاطات السياسية التي نعيشها الآن في مصر. يتزوج "الحاج عزام" سراً من سمية الخشاب أو"سعاد" أرملة اسكندرانية فقيرة ولديها طفل ليشبع غريزته الجنسية المتفجرة.. بالرغم من كبر سنه، تقوم بدور المرأة التي تفرض عليها العديد من الشروط الظالمة من قبل عزام الفنانة سمية الخشاب.
أبن البواب أو"طه الشاذلي" ـ محمد عادل إمام ـ حيث تمكن من دوره بشكل كبير فهو شاب يقهر بسبب عمل والده الفقير فلا يستطيع تحقيق حلمه في أن يكون ضابط شرطة.. ليتحول إلي "إرهابي" ويُقتل في مشهد تم تنفيذه بجودة إخراجية رائعة.. كما تتركه خطيبته "بثينة" التي جسدت دورها الفنانة الشابة هند صبري بسبب الفقر فهي فتاة جميلة تعيش فوق السطوح مع والدتها، تعمل في إحدى محلات الملابس لتصبح مطمع صاحب المحل وتتطور حياتها بشكل سريع لتجد نفسها زوجه لأبن الباشا.. بعد أن كانت أداة في يد "ملاك" أحمد بدير الذي يمتلك غرفة بأعلى العمارة يقوم فيها بتصنيع الملابس الحريمي الذي يحاول جاهدا في الاستيلاء على شقة "زكي باشا".. مرة من خلالها ومرة أخرى من خلال "فانوس" أحمد راتب أخيه الذي يعمل خادم لدى مكتب "زكي". في المقابل نرى الصحفي الشاذ جنسيا "حاتم" الذي يقوم بدوره خالد الصاوي الذي قدم نوعا مميزا من أفكار هذه الطبقة الموجودة فعلا في العالم بشكل عام فهو ضحية لأم فرنسية كانت تخون والده الذي كان غير مهتم بتربيته فقام الخادم إدريس بمداعبته جنسيا ومعاشرته، ويكبر الفتى ليصبح شاذا جنسيا يمارس الرذيلة مع الرجال،حيث نجده في ظلام الليل يبحث عن رفيق، وفعلاً يجد مجند بالشرطة اسمه "عبد ربه"أو الفنان الصاعد باسم سمرة الذي يضحي بمبادئه وأخلاقه من أجل إعالته على الحياة الصعبة..لينال الجزاء من جنس العمل..بينما قامت الفنانة يسرا بدور هادئ ناعم أكثر من الطبيعي فهي كانت "كرستين" المطربة الفرنسية صديقة "زكي باشا"
ويمكن القول إجمالا بأن الفيلم قدم رؤية متميزة للأحداث الدرامية والاجتماعية للحياة في مصر.. من خلال عدد من الشخصيات الحقيقية في عمارة وسط البلد التي بنيت في عام مضى وأعادت شركة الإنتاج "جود نيوز" إحيائها من خلال فيلم "عمارة يعقوبيان".. كما قدم الفنان مهندس الديكور فوزي العوامري عملا رائعا في مجاله.. وقدم الفيلم برؤيته الإخراجية الخاصة شديدة التميز مروان وحيد حامد
هذا ما قاله النجوم
- عادل إمام .. الفيلم سيكون ضمن الأحداث الهامة في تاريخ السينما المصرية.. ومروان مخرج متميز جدا.. وهو الذي أقنعني بدوري
- يسرا .. أنا خائفة جداً من دوري بالفيلم
- نور الشريف .. أؤكد سعادتي بهذه التجربة الخاصة والاشتراك في هذا العمل المميز
- إسعاد يونس .. الفيلم صادم لأنه يشرح المنطق العشوائي الذي يعيشه المجتمع حاليا عن طريق أحداث واقعية وصادقة
- هند صبري .. لا أتعمد الظهور أمام النجوم الكبار لكني سعيدة جدا بالتمثيل أمام الفنان عادل إمام والمشاركة في الفيلم
- خالد صالح .. أشعر بالفخر للمشاركة في هذا الفيلم
- خالد الصاوي .. الفيلم سيكون مهما جدا في تاريخ السينما المصرية
- محمد عادل إمام .. قد أكون محظوظا بسبب مشاركتي في الفيلم.. لكن دوري كان مجهد جدا
- باسم سمرة .. الفيلم بمثابة فرصة حقيقية لي وسط الفنانين الكبار الموجودين بالعمل
- وحيد حامد .. لم أضع في ذهني مخرج معين أثناء الكتابة
- مروان حامد .. الصعوبات كانت كثيرة.. خالد الصاوي هو أكثر الممثلين جرأة.. ومشاهد المظاهرات صعبة جدا.. وكذلك التصوير الخارجي فيوجد 23 مشهد خارجي للفنان عادل إمام وهند صبري في وسط البلد
- عادل أديب .. أشعر بالتفاؤل جدا للفيلم.. وأن شاء الله يحقق نجاحا كبيرا
No comments:
Post a Comment