Sunday, April 22, 2007

المترو كما اراه

المترو كما اراه
نزلت إلى هذا النفق الطويل الذي يأخذك من عالم الزحام الفوقي إلى الدخول لعالم آخر لا ينفصل عن ما يحوية.. الشارع لكن هنا تجد جميع الأوساط هذا الرجل الذي يلحق بمكينه المرور ليعبر خلفك وتلك الفتاة المزوية في الجانب منتظرة صديق أو صديقة تأخرت عليها وهى من الحين إلى الاخر تنظر في ساعة المحطة.. وهذه الأسرة المكونة من رجل وإمرأة وطفلين أحداهم على الاكتاف والآخر مجرورا في يد أمه

وهؤلاء الشاب الذين يتجاذبون أطراف الحديث في أحد الجوانب ثم ينطلقون بضحكة مدوية في أرجاء النفق لتلفت نظر الجميع

توقفت على آخر الرصيف وفي الجهة المقابلة أنواع مختلفة من البنات والسيدات منتظرات العربة المخصصة لهم.. هذة الفتاة التي تقرأ الاذكار.. وتلك التي تتحدث برومانسية عالية المزاج وهى تتمشى حينا وتترنح احياننا وتلك المرأة المنتقبة.. الجالسة في ملكوت الله.. وبينهم فتاة تهندم شعرها البني المنسدل على كتفيها.. مندس بينهم عسكري شرطة فقير الفكر والثوب والهيبه.. لا يعبأ به أحد وهو لا يعبأ بالكثير

وفي منتصف الرصيف يقف الكثير يتابعون شاشات العرض الموجودة بالمحطة والتي في الغالب تذيع أغاني رديئة.. يقطعها فواصل لموسيقا فيلم توم كروز.. المهمة المستحيلة.. مزيج عجيب من الأغاني.. وفي الحقيقة لا أعرف ما صلة هذه الموسيقا بمصير الشعب المصري فهل نحن حقا في مهمة مستحيلة.. مزيج عجيب من البشر.. مختلط الحابل بالنابل في معركة الوصول للمحطة المرجوة

سمعت صوت ضجيجه.. وهو يتقدم نحوي من النفق.. اتى بالفعل وهو يطلق نفيره المدوي في أرجاء النفق معلنا دخوله للمحطة.. تراجع الجميع خطوة للخلف.. توقف.. بدأوا في الاقتراب من الأبواب.. نظرت خلفي صدفة.. فوجدته يحاول الامساك بيدها وهى ترفض في تلذذ أنثوي مفعم بالحب نحوه

فتحت الابواب أنزلق الركاب إلى الخارج.. بينما اندفعت مع المندفعين للداخل.. اطلق انذار اغلاق الأبواب.. أغلقها.. نظرت نحوهما نظرة وداع.. وبالفعل نجح في أن يمسك يدها.. وهى تنظر له بابتسامه خجل ونظرة حب

تحرك في تمايل على القضبان.. وتجانس وتناغم مصدرا صوت الضجيج.. تمكنت من الجلوس.. بعد عدد من المحطات.. وقفت أمامي تلك الفتاة التي كانت إلى جواري على الرصيف منذ لحظات.. جسدها نحيل متمايل مع حركة المترو المنطلق داخل النفق.. ظلت تترنح وأنا أنظر لها لا استطيع أن أجلسها مكاني بالرغم من أنها كانت تنظر نحوي نظرات استعطاف.. إلا أنها لم تحركني.. بالرغم من ارتدائها سترة عسكرية.. إلا أنها تتسم بهندام لا ينم عن اتسامها بالحياة العسكرية.. كما أنها تذكرني بأيام الحرب التي لم أعيشها من قبل

فجأة.. نظرت نحوها فوجدتها غفوت قليلا.. وهى واقفه اتخذت القرار.. لوحت بيدي أمام وجهها لتجلس مكاني.. لكنها لم تكن هناك.. لمستها من ذراعها.. فزغت.. اعتذرت واجلستها

توقفت لأرى المشهد كاملا.. فجذبني بشكل كبير ذلك الرجل الكبير.. الذي كان جالسا شاردا.. ثم جلست بجواره سيدة معها ثلاثة أطفال ولدان وبنت الأخيرة هى الكبيرة لا تتعدى العشر سنوات من عمرها.. بينما أخواتها أعمارهم مثل العد التنازلي.. جلس الطفل الاصغر ليفصل بين الرجل وأمه وأخته من الجانب الاخر.. وكان طفلا ظريفا جدا مبتسما وبدأ يحكي للرجل حدوته غريبة لم أسمع تفاصيلها الكاملة لكن تسبب في ضحك الرجل الكبير.. ورجلا آخر يجلس في طرف المقعد المواجهة يشبه في ملامحه الهنود

لم أنس ذلك الرجل العجوز الفقير.. الذي كان يجلس أمامي وكنت هموت وأصوره.. فكانت ملامحة شديدة التجاعيد والفقر.. وذقنه بالكاد تملاء وجهة.. الأسمر الجميل.. لكن للأسف لم أمت ولم أصوره.. المترو بالنسبة لي لوحة فنيه كيبرة.. ملطخة باللوان داكنه وفي بعض جنباتها رسومات مبهجة.. تشير إلى أنك بين مجموعه من هموم الشعب المصري

توقف.. فتحت الأبواب.. خرجت للتو.. ادخلت التذكرة في المكينة.. عبرت منها.. صعدت السلم الطويل لأرى الشارع مجددا

3 comments:

Anonymous said...

الموضوع حلو اوي .. وبما انك لم تتعرف على عربة السيدات نظرا لمنع ركوب أمثالك بها احب اقولك انها عربة تتمتع بتكدس نسائي رهيب بها فتيات يجلسون على الارض واخريات يتحدثون عن اسرارهن بصوت عالى جدا .. والنساء كبار السن يرجون الفتيات الجالسين على كراسي حتي يتنازلون عنه لهم .. واذا ركب رجل بالخطأ تلك العربة فكأنه دخل الى الجحيم لانه يتلقي نظرات رصاصية وربما يسمع ما لايرضيه .. وبصراحة يستاهل هو مش الرجالة لهم ستة عربيات كمان بيغلطوا ويركبوا في العربيتين اللي حيلتنا ..

شماعة said...

كريم
ألف مبروك يا وائل علي أنك أصيبت بالإدمان وبدأت تركب المترو وتشوف حياة مموجه بالتعاريج المختلفة.وتلاحظ أد أيه المترو ده شايل هموم ناس كتير وآمال ناس أكثر.
وأنا بدعي أن تذكرة المترو متغلاش عن فئة الواحد جنيه ( 100 قرش مفترس ) لحسن لو عملوا مرحلة رابعة بعد المرحلة الثالثة اللي بتتعمل هتبقي التذكرة بـ 1.50 قرش مشفي.

Anonymous said...

وائل موضوعك كميل وانا كان لايخلو من حس فني