مدخن بلا كبريت
بدأت بأول سيجارة شعرت بنشوة لحظية وكأنها فعله محرمة.. توالت السجائر وتوالى الشراء ولم أجد منها هذه التافهة البيضاء الصغيرة ذات الفلتر الأصفر أو الأبيض أيضا غير الشعور بالقرف مرة من انتهاءها أو بسبب بدايتها
وعلى حسب ما يتيسر معي من أموال.. أحياناً أدخن أفخرها أو أفقرها.. وبعد إطفاء أخر سيجارة في العلبة أشعر بالوحشة لها حتى تبدأ السيجارة الأولى من العلبة الجديدة
عزمت كثيراً أن أتوقف لكن ضغوط الحياة اليومية تستوقفني أحيانا أمام السجائر والعزومات التي تتم من القلب بأنك لازم تشرب عشان السيجارة طلعت من العلبة وكأنها ستفسد بعد ظهورها من العلبة التي تلازم جيوب المدخنين.. بالرغم من أنها لا تتأثر بأى عوامل فمثلا لم أقراء في مرة أنها يجب حفظها في مكان بارد مثلا أو يراعى أن تبتعد عن أشعة الشمس المباشرة أو ما شابة ذلك.. كذلك لم تجد مكتوبا عليها مثلا تحفظ بعيدا عن الأطفال.. أو على الأقل تجد عليها تاريخا للإنتاج أو الانتهاء.. المنتج الوحيد الذي استخدمه دون معرفة إذا كان صالحا للاستخدام الآدمي أم لا
كل ما هو موجود عليها جملة أشبهها بالسخيفة وكأن حانوتي قام بكتابتها "احترس التدخين يدمر الصحة ويسبب الوفاة".. فدائما تترك بين أصابعي رائحة كريهة غالبا تذكرني برائحة أسفل الكباري المصرية
محاولات كثيرة فاشلة من الإيقاف فكرت ألا اشتريها.. وقررت أن أفعل شيئا أعتبره البعض أنه مثير ألا وهو عدم شراء كبريت.. حالة من حالات التعذيب النفسي أن تكون أمامك السجائر.. لكن بلا فائدة لان لا يوجد المصدر الأساسي لاستخدامها.. ومع كل سيجارة تبدأ رحلة البحث عن المصدر الأساسي للإشعال.. لكي أشعر أن تدخينها سيكون صعب مما يجعلني أحياننا أقلل من استهلاكي لها.. لأنها وبكل صراحة بلا فائدة وبلا جدوى فهي لا تهدئ من الضغط العصبي بل تجعلني أكثر عصبية وإرهاقا.. كما أنها لا يمكن أن تحل أصغر مشكلة في الوجود بل تجعلها تتراكم
أبحث عن الحل ولا أريده من أحد لأنه سينبع من داخلي.. في أحيان كثيرة القي بها هذه العلبة اللعينة الموجود بها عدد من الأصابع البيضاء التي تتحول إلي داخلي كرماد أسود مضر بكل ما تحمله الكلمة من معنى.. ولكن.. أصبحت مدخنا مشهورا بين أصدقائي باني لا اشتري ولا كبريت ولا ولاعة
لكي تكون الخطوة التي أنوي بها العزم على الإيقاف التام لهذه العادة الرذيلة.. فهي تنفق ما بين 60 إلي 232.5 إذا كانت علبة كل يوم.. فكرت كثيرا في هذا المبلغ الذي هو بالتأكيد ضخم جدا بالنسبة للغني والفقير على حد سواء.. غير أن نصائح غير المدخنين تتكرر أمامي فمنها اقتراح صديق لي يتمنى أن يتضاعف سعر علبة السجائر إلي العشر أضعاف فانزعج جدا من هذا الاقتراح.. بالرغم من قناعتي بأنه لن ينفذ.. لأسباب بعضها أقتصادي وأغلبها سياسي
فهل ما أفعله وهو كوني أن أكون مدخن بلا كبريت.. سيبعدني عن السجائر وأصبح مدخن قديم أتمنى ذلك أن أصبح معتزلا لها.. لان اعتزالها سيكون سببا رئيسيا في التمتع بأشيئا أكثر متعة من الدخان المضر