سنايبر في الاسكوله
اليوم الاول
انهاردة اول ايام الدراسة ليهم مش ليا انا الدراسة هتبدأ بالنسبة ليا من بكرة.. فكرة فصل الفصل دي لذيذة اوي بس برضة مش حلوة ساعات اصل انا اغلب اصحابي بيروحوا الثلاث ايام التانية وعشان كدة انا هروح لهم كل يوم على باب المدرسة ساعة الفسحة وبستنى عند السور ونخرج كلنا نقعد على القهوة كانه يوم عادي يعني.. بس هتبقى مشكلة اوى لما تحصل خناقة وانا في المدرسة مش معايا اصحابي وله لما يكون في ماتش كورة وهما مش فيه.
هما دلوقتي في الحصة الاولى عندهم الاستاذ وحيد جداول الراجل دة من اول يوم في الدراسة بيقسم جداول الدروس الخصوصية بعد ما بيقدم وصلته المعهودة ان الترم الدراسي قصير واننا لازم نلحق الترم قبل ما يخلص وان بالاجازات الاسبوعية والاعياد الرسمية فاضل مش عارف اد ايه من الدراسة وان الوقت كالسيف والسيف حده حامي وحاجات كدة.. يظبط جدوله ويذنب العيال اللي مبتاخدش معاه دروس ويقعد يحكي على المصيف اللي بيقضية مع اهل مراته في بلطيم نفس المواقف والحواديت كل سنة وكانه فيلم بيتعاد على روتانا.
الصين دي ربنا يكرمها.. الموبايل ابو تلفزيون دة عمل الواجب وزيادة شوية كنت بقعد انا والواد محسن على نفس الدكة في الاخر ونقضيها قنوات الافلام بس هو السنة دي هيروح في ثلاث ايام غيري انا.. عموما مفيش مشكلة بس السنة دي انا خايف اوي مش من الانفلونزا بس.. لكن من ان اصحابي كلهم مش معايا كمان.. احنا اسمنا "مثلث الرعب" محسن بازوكة.. وعلي الرفيع.. محمود مراجيح.. وانا ممدوح سنايبر.. كلنا اصحاب من ايام المدرسة الاعدادي ومفيش حد فينا بيفتن على التاني في اى مقلب يتعمل في المدرسين.
ياه الحصة الاولى خلصت اصلي بعرف من الرنات.. بتاعه العيال.. بس كمان ساعة الفسحة تبدأ وهروح لهم عند السور عشان نكمل جيم البلاى استيشن بتاع امبارح اصلي كنت غالبهم كنت بلعب بالبزوكة وقتلتهم كلهم وخلصت الجيم.. عليهم.
بيقولوا في التليفزيون ان كل واحد يغسل ايده كل ساعتين طب انا امي لما الصابونة بتخلص بعد اسبوع بتصوت.. يعني لو كل واحد فينا غسل ايده كل ساعتين الصابونة هتخلص في يوم.. وكمان اصلا المدرسة مفيهاش حنفيات واستاذ عبد العليم الناظر.. بيقفل المحبس العمومي ومبيفتحهوش غير لما يكون داخل هو الحمام.. وكمان القهوة مفيهاش دورة ميه.. ياعم كبر يعني هى لو ايدي مش نضيفه هموت.
دلوقتي حصة الاستاذة سهام بتاعه الكيميا.. حصتها حلوة زيها.. هى مش كبيرة وكمان مش بتشرح برضه حاجة بس بتقعد تتكلم عن الكيميا وان كان في زمان معامل في المدارس ومدرستنا مفيهاش وكمان بتقعد تقول ان كان بيكون في مسرح والطلبة بيقدموا مسرحيات بس هى متعرفش ان في اكتر من التمثيل بيحصل في الفصول هى دماغها تعبانه شوية واحيانا تزعق فجأة لما الناظر يكون معدي.. هو بيدرس لنا رياضة واحد بس حصته بتبقى هادية ودايما بتبقى القبل الاخيرة وبتكون فرصة كويسة للنوم عشان الواحد يبقى فايق للماتش بتاع المرواح.
يتبع
اليوم الثاني
امس انتظرتهم عند السور والواد بازوكة بنطلونة انقطع وكان خايف من ابوه اوي.. اصل عبعليم الناظر حط ازاز على السور عشان محدش ينط بس عادي عم منصور البواب محطش ازاز على السور كله.. بس انا انهاردة في المدرسة وقعدت جمب نشأت انتخه الواد دة بيجيب معاه شوية سندويتشات جامدة جدا.. اصل ابوه صاحب سوبر ماركت مكة اللي جمب محل العصير.. اللي عند موقف الموكروباص في هناك ملعب كورة بس جامد اخر حاجة.
نشأت انتخه بيشتغل مع ابوه في المحل طول الليل وبالنهار بيجي ينام وياكل في المدرسة وطبعا بياخد دروس في كل المواد بس جدع اوي وبيدي ورق الدروس للي عايز.. امبارح اتفقنا لما اتقابلنا على ان المقالب في المدرسين لاز تتنوع وتختلف عن كل يوم عشان متكونش متكررة وان ميتكررش مقلب واحد اكتر من مرة كل اسبوع وان التزوييغ يكون بجدول محدد عشان ميحصلش لخبطة كفاية اللخبطة اللي عملوها في المدارس.. وحصة الالعاب هنظبط كلنا عشان نكون موجودين امال هنلعب كورة ازاي يعني ونغلب ازاى.. المهم نفس الاسطوانات المشروخة اللي سمعوها امبارح انا سمعتها انهاردة ونفس عدد الكشاكيل بتاعه كل سنة بس انا اتفقت مع علي الرفيع امبارح اننا نقسم الكشاكيل علينا يعني هو يجيب نص الكشاكيل وانا اجيب نصهم وكل واحد فينا يسيبهم في الدرج ويكون مع كل واحد فينا مفتاح اهو توفير عشان السايبر والبلاى استيشن احنا مصاريفنا كتير برضه.. وكل واحد فينا هيبقى موجود في يوم غير التاني.
دخلت علينا الفصل ست كدة قالوا عليها مش عارف زائغة صحية تقريبا.. المهم قالت شوية تعليميات زى اللي بتتقال في التليفزيون مش دة المهم بس قالت حاجة جامدة موت ان اللى هيجيله دور برد لازم يبلغ قشطة اللى عايز اخلص منه من العيال الرخمة ابلغ عنه.. واقول انه بيعطس.
العيال الرخمة اللي في الفصل معانا كان معاهم ميه بتاعتهم وشوية حاجات كدة لزوم البعد عن الميكروباتات.. اليوم قرب يخلص في شوية عيال معايا من اصحابي القدام بس مش مهم اديني بقابل برضه اصحابي كل ايام ما بيكون عندهم مدرسة.. عادي.. انهاردة هنروح عند مدرسة البنات اللي جمبنا بس مش لاقي البت شيماء بس سالت عليها صباح قالت لي انها جت امبارح ومشيت بسرعة لان كان اخوها مستنيها.. ركبت وراه الفزبه.. واختفت وسط الزحمة
يتبع
اليوم الثالث
الحصة الاولى كانت لاستاذ مجدي بلوتوث.. الراجل دة المفروض انه بيدرس انجليزي عنده 42 سنة قصير.. ولهجته صعيدي ع الاخر.. ومش باين عليه بيقول انه سافر امريكا ورجع بعد ما البرجين وقعوا لانه بيقول ان من وجهة نظرة وهو صاحب وجهات نظر متعددة.. الكيان الامريكي دمر اذا لا يوجد ما يستدعي وجودي في بلد كيانه مدمر.
الراجل دة منبهر بكل حاجة لو واحد جاب اى حاجة شكلها غريب حتى لو سندويتش لانشون بالزيتون يستغرب وكانه جاى من الفضاء.. باينه ولا راح امريكا ولا حتى بلطيم.. المهم انه بيجيب معاه شوية نغمات وحاجات جامدة كدة وعلى طول حاطط السماعة في وانه ويحسسك انه منتظر السفير الامريكي في بلاد واء الواء هيتصل بيه بس اول ما يجيب كارت شحن بعشرة.. هو عامل تسعيره جامدة موت النغمة بجنية رصيد والمقاطع بثلاثة والصور بتنين جنية بيقلب عيشه تمام في الحصة.. ويقعد يحكي حكاياته عن امريكا وسندويتشات الهمبرجر الامريكاني اللى غرقانه مايونيز وليزا اللى حبته وكانت عايزة تديله الجنسية واللى كانت بتوصفه بانه فرعوني.. وانه محبهاش لانها كانت حلوة اوي.. وان من وجهة نظرة ان الست الحلوة لا تدوم حلاوتها مع العمر فيجب الارتباط دوما بامراة متوسطة الجمال.
حصته دايما بتخلص على وصفة لسندويتش الهمبرجر والبطاطس السخنة كأنه ظابط الحكاية ع الجرس.
الحصة التانية نطيت من ع السور كانت بتاعه استاذ فؤش فوائد علوي لالا مش قريب ليلى علوي ولا حتى كوبري علوي.. دة تشابة في الاسماء مش اكتر دة مدرس الفلسفة له كلمة مأثورة يبدأ بها كل حصصه "الفلسفة هى الابحار في جوانب العقل ومن سيحضر لي سيصبح فيلسوفا في عصر لا يوجد به من يفكر ومن لا يحضر سيتحول إلى حمار" وفي الغالب مبتبقاش في الفصل دايما غير اتنين روماني قلقاسه اللى قاعد ادام وراجح الرديفي والاتنين زى الفل هيشتغلوا كتبه في محكمة قريب الكشاكيل بتشتكي من اللى بيكتبوه.
ضربت سندويتش طعمية من عم سيد وروحت على مدرسة شوشو.. انا عارف انها موجودة انهاردة عشان عندها حصة ألعاب قعدت فوق السور واتفرجت عليها وهى كانت شيفاني بس زعلانة مني عشان امبارح بعتت لي "كلمني شكرا" مرديتش عليها حاولت تتصل بيا على رصيدي برضه مرديتش اصلي اصلا ممعيش رصيد عشان حتى ارنلها.. هى هتزوغ الحصة اللي جاية وهنروح الجنينة اللي في الميدان اللي عند النافورة بنقعد نتكلم شوية وكدة يعني انا بحبها من تانية اعدادي وهي كمان ابوها عندة ورشة نجارة في الشارع اللي ورانا وامها صاحبة امي اصل خالتها تعرف مراة خالي.. هنرجع بعد حصتين انا معايا اتنين جنية هعزمها على عصير قصب بس ياريت متتنكش وتجيب عصير من ابو شفاطة دة بتنين جنية الا ربع.
الهانم طلبت عصير من ابو شفاطة قال ايه مبينقلش ميكروباطات.. الحصة دي اللي قبل الاخيرة بتاعه عبعليم السكون التام.. س + ص = (س ص)2
حالة من الشرود التام لممدوح سنايبر وهو في حالة من التأمل في لمسة ايدي حبيبته شيماء.. على صوت عطس مستمر من ابو الفتوح الجالس على اليمين إلى جوار حمدي من الجهة الشرقية للشباك المكسور.. وفي لحظات الفوضى والعطس المستمر من قبل ابو الفتوح والهياج والهرب من الفصل وتوقف عبعليم عن الشرح والمناداه على الممرضة ام عبير التي تزن ما لايقل عن نصف طن.. وهروب معظم الطلبة الي الفناء.. اتت ام عبير بعد فراغ صبر عبعليم الناظر.. وشمرت ساقيها واستشعرت حرارة ابو الفتوح بيدها لعدم توافر ميزان للحرارة الترمومتر.. في عيادة التنميل الصحي.
اخرج الاستاذ عبعليم من جيب بدلته الصيفي ذات اللون الازرق الباهت منديلا من القماش المحلاوي وجفف به عرقه ووضعه على منخاره الكبير الذي يملاء وجهه.. وتسائل من خلف المنديل
عبعليم : مالك يا ابوالفتوح
كان وجه ابو الفتوح الذي يمتاز بجبنه وخوفه المستمر من اي شئ قائلا بوجه شديد الاحمرار منتفضا.. اصل امبارح كنا عند جوز خالتي اللي رجع من العمرة ومن ساعتها وانا حاسس ان عندي صداع ووجع هنا ههه مشيرا الي منطقة الزور والحنجرة
بادرة عبعليم لما انت متنيل عيان ايه اللي نيلك وجابك
في هذه اللحظة تراجعت ام عبير بسرعة الصاروخ عن ابو الفتوح
قائله ينيلك
بدأ جسد ابو الفتوح ينتفض ويقول بصوت نحيب أن بردان وبدات انفه تسيل بالافرازات والعطاس والسعال لا يتوقفان.. اخلى الفصل تماما عليه وظل كل منا يختلس النظر عليه من خلف الباب وهو ينتفض ويعطس تم استدعاء الطبيب من المديرية التعليمة من خلال اتصال من على موبايل الاستاذ عبعليم بسبب تعطل التليفون الارضي للمدرسة بسبب عدم دفع الفاتورة.. شبكة واحدة بتعطلنا كلنا.. انتهى اليوم الدراسي وتوالت رنات شيماء على محمول ممدوح الذي تم احتجازه هو وباقي زملائه تبعا لأوامر الوزارة.. وبالرغم من انها نبهت عليه ان لا يفتح عليها الموبايل الا انه فعل فعلته واغلقت معه بانفعال شديد عليه دون أن تسمع شئ.
يتبع
بعد اليوم الدراسي
بعد الاتصال بالطبيب المسئول عن الطوارئ بالمديرية التعليمية والذي اتخذ من الاسبوع الاول للدراسة الاجازة السنوية الخاصة به بالرغم من حالة الطوارئ التي يعيشها العالم اجمع.. اخرج الاستاذ مجدي بلوتوث موبايله الخاص وقال يا ولاد اللي عايز يكلم اهله ممكن يتصل بيهم الدقيقة الاولى بجنية ها حد عايز يتصل بحد.
نظر له الاستاذ وجيه السيد استاذ التربية الدينية وذو اللحية المتشابكة والبدلة البنية الصيفي التي لا تتغير وصاحب التمنية وعشرين الزيتي نظره بها استنكار من هذا الفعل.. لما فيه من استغلال واستعلاء واستفلاء واستحلاق لشباب في ازمة وواجبا عليه ان يكون متضامنا متماسكا غير جشعا.. فاقترب الهادي عبد السميع الذي يتلو ايات الذكر الحكيم في الصباح الباكر من الاستاذ وجيه وطلب منه ان يتصل بوالده ليطمئنه
فقال لها بصوت جهور به خشوع شديد يا أخي والدك رجل مؤمن واذا استعوقكك فسيتصل بي ولا تقلق
فور علم المديرية التعليمية بما وقع في الفصل الواقع بالمدرسة القومية النموذجية للبنين الواقعة بشارع المدارس في الجهة التابعة للاستاذة نظيرة حافظ ذات الهيبة والكبرياء تم الاتصال بها وهى كانت في مهمة بذنجانية خاصة جدا.. حيث كانت تناكف ام بلال بائعة الخضروات التي قامت بتأويير البذنجان دون عناية ولم تنتهي من الكوسة.. رن تليفونها اكثر من مرة على استعجال في المرات الاولى لم تسمعه بسبب الشجار الدائر بينها وبين ام بلال.. إلا أن حين سمعته فضلت الا ترد لعدم اهمية المتصل فهو رقم غريب.. توقفت عن الشجار ثم استمعت الي المتحدث وشهقت بصوت لفت انتباه المارة
يالهوي.. !!
ونظرت لام بلال شذرا نبرتي فيها اهو مفيش محشي هاتي الخمسة جنية هاتي
ووقفت مهلله في وسط الشارع يا استاذ محمود يا استاذ محمود استني الله يسترك خدني في طريقك.. توقف الاستاذ محمود إلى جوار سيارته الحديثة حيث أنه من ذوي الاملاك خير يا استاذة نظيرة.. فقالت مش خير دي مصيبة
الاستاذ محمود يا ساتر طب اركبي اركبي..
ركبت إلى جواره محادثة نفسها طب يعني هي الناس في الحالات دي بتعمل ايه.. الحمد لله انا معايا الدوا.. وظل يسوق الاستاذ محمود في صمت رهيب حتى توقف في احد الاشارات المرورية.. قائلا لها.. يا استاذة نظيرة ممكن افهم في ايه
المدرسة القومية اللي في شارع المدارس ظهر فيها حالة زفت
محمود يا نهار ابيض.. طب وحضرتك هتعملي ايه دلوقتي
نظيرة منا رايحة اهوة
محمود رايحة فين ليه هو انتي فاكرة ان عمري بعزقه.. انا عندي عيال
صدمت الاستاذة نظيرة قائله مهو يوم باين من اوله.. وفتحت الباب ونزلت مستوقفه تاكس.. انحشرت بداخله وذهبت للمدرسة.. الطلبة في الفناء جالسين في الاركان.. بينما فصل ابو الفتوح اولى حالات الاصابة بين الطلبة مستقلة بذاتها جالسة وكانها في طابور عرض مبتعدا عنها باقي طلبة المدرسة المحتجزين.
الساعة اوشكت على السادسة
اقترب الهادي عبد السميع من الاستاذ وجيه السيد قائلا له انا كنت صايم وممعيش حاجة اكلها
فاخرج استاذه من جيبه كيس من التمر واعطاه اياه
نظر الاستاذ عبعليم في الساعة واوشك على الانفجار قائلا بصوت مسموع مش ممكن كدة انا ورايا مواعيد
متلفتا حوله ملاحظا تسلل الاستاذ وحيد جداول ومعه سبعة من الطلبة المتسللين مناديا بصوت يرج جدران المدرسة يا استاذ وحيد رايح فين انت والطلبة دول.. وحيد أشار إلى ساعة يده فأشار له عبعليم في صمت بالرفض.
اتىت إلى المدرسة الاستاذة نظيرة ممسكه بحقيبة يدها بينما اليد الاخرى واضعه بها منديلا من الورق على وجهها مد الاستاذ عبعليم يده ليصافحه فأمأت برأسها محيه الناظر هو فين الولد المصاب
فاجابها الناظر في الفصل بتاعه يا فندم واشار إلى زملاء الطالب دول الطلبة اللي كانوا معاه في الفصل.
اتت سيارة اسعاف وحملت ابو الفتوح في وسط حالة من الوجوم على وجه الطلبة وكل منهم يحمل سؤالا بداخله عن مصير زميلهم.. مطالبة الناظر بمذكرة بما حدث وتعقيم الفصل وانصرفت قبل ان تنصرف سيارة الاسعاف في حركة مهرولة سريعة خارج المدرسة
وقف الناظر مطالبا كل طالب بدفع اثنان من الجنيهات لتعقيم فصول المدرسة.. ومن سيتأخر عن دفع الاثنين جنية سيتم مضاعفتهم عن كل يوم تأخير وضربه كل يوم في الطابور امام زملائه.
يتبع
اليوم الرابع
وقف عبعليم وخلفه لفيف من الاساتذه وجمع كل منهم جنيهان من كل طالب حتى وصل المبلغ ما يقارب الثلاث الالاف جنية تقريبا.. ودخل ومعه بخاخة ملمع زجاج مستعمله بها الكثير من الماء والقليل بل الاقل من القليل من الديتول ورش كل الفصول المجاورة لفصل ابو الفتوح المصاب.
في هذه الايام انتشرت الشائعات حول صحة الطالب الزميل الذي قد يسبق اسمه لقب الشهيد كما قال الاستاذ وجيه السيد.. ان حالته خطيرة لكنها مستقرة كما اعلنها النابغة عبدالله عبد الموجود بن استاذ التاريخ عبد الموجود اساطير خلال الاذاعة المدرسية.. وكانت اخبار ابو الفتوح تتناقلها المدارس المجاورة وبالطبع لم تضيع هذه الفرصة عن ممدوح سنايبر الذي اكد لمعشوقته أنه كان من اول الشاكين في الحالة الصحية لأبو الفتوح راسما لها حكايات واساطير عن خبرته في الاكتشاف المبكر للمرض.. وانه ليس خائفا من شئ الا من اصابتها بالمرض.. كانت تشرد شوشو في كلامه المعسول الذي به الكثير والكثير من الخوف عليها من قبل حبيبها.
وان تشوقه لها كان دافعا جيدا في تدارك هذه الكارثة التي حلت على الفصل الذي وقعت بها اولى حالات الاصابة.. وتشدق بعددا من الجمل والكلمات المطاطة والرنانة.. متفقا معها على التنزة في يوم الغد برحلة لن تنساها.. كان ذلك في طريق شيماء للمدرسة بينما كان اليوم لا يوجد دراسة لسنايبر.. وصلها بالقرب من باب المدرسة على موعد بلقاء في الواحدة والنصف عند الباب الخلفي.
ارتجفت يد شوشو في لحظة الوداع ودخلت واتجهت نحو الباب الرئيسي وهو مازال يتابهعها عن بعد.
ذهب إلى ملعب الكورة المتواجد في شارع الخرابة التي هى جراج لسيارات القمامة ومقلب عموما لها الا ان المساحة الفراغ تصلح لتكون ملعبا جيد التهوية.. جلس بجوار عدد من الشباب مشجعا لأحد الفرق التي تلعب إلى أن وقعت اصابة لاحد أفراد الفريق الاخر فتم اختياره ليستكمل اللعب.. وفي هذه اللحظة اختلف انتمائه فورا ليصبح مع الفريق الذي يلعب فيه.. سرعان ما رفع البنطلون عن ساقيه وركد حتى احرز الجون الاول له في الدقيقة 45 و12 ثانية من الشوط الرابع للفريق وهو الهدف الثامن مقابل الخامس للفريق الذي يشجعه وركد إلى جوار عارضه الجون التي عباره عن صندوق قمامة رائحته يمكن ان يستخرج منها غازات سامة وهو يهتف اهو اهو اهو الوحوش الوحوش ملتفا حوله عددا من اعضاء الفريق وفي حركة مسرحية سجد على الارض.. واستكمل اللعب مع باقي اعضاء الفريق حتى نشبت خناقه بين الفريقين واحد سائقي سيارة القمامة الذي دهس الكرة بعجلاته الخلفية المزدوجة.. لكن دون جدوى.
انسلت سنايبر من بين الخناقة لانه لدية الخبرة والدراية الكافية لمعرفة ماذا سيحدث بعد ذلك وهو ان يدفع كل فرد من افراد الفريقين اثنين جنية كحد ادنى لشراء كرة جديدة من محل الادوات الرياضية المتواجد بالقرب من هذا المكان.. قال في داخل نفسه ان الوصول للقمة صعب لكن الاكثر صعوبة هو الاستمرار وانصرف لانه لا يستطيع تحديد اذا كانت الكرة الجديدة ستكون وش خير عليه ام لا.. تسكع قليلا في الشوارع.
ثم ذهب إلى مدرسة شوشو جلس على السور بحيث يرى شوشو وهى في الفصل.. كانت حصة فاضية لان الاستاذ محسن لميع مدرس اللغة الالمانية لم يأتي دون ابداء اسباب.. وهو رجل زير نساء.. ويستطيع اللعب بافكار البنات بسهولة ويسر.. يعيش بمفردة في شقة والدية المتوفيان تخرج من كلية الحقوق الا انه حصل على كورسات لغة المانية بسبب عشقه للسفر إلى بلد المصانع.. إلا أنه تعرف على فتاة المانية كانت تعيش في مصر وعرف من خلالها على كل اسرار النساء.. هذه الحكاية عرفها سنايبر من ساره التي كانت صديقته العام الماضي والتي احبت محسن لميع وعرفت عنه كل شئ وكانت تحصل منه على ما تريد.
الحصة الفاضية في مدرسة البنات تعني الكثير والكثير.. رقص وطبل ومكياج وتبديل ملابس وكأنك دخلت إلى حمام حريمي.. لمحته ساره التي هى في نفس الفصل الذي توجد فيه شوشو.. نظرت له نظرة طويلة تحمل معاني كثيرة منها الاستهانة بوجوده.. ثم وقفت على احد الدكك وبدات ترقص بشكل احترافي.. وتتمايل ليراها اكثر.. في تشفي فيه.
بينما كانت شيماء لا تراه الا انه راها وانبسط لما تفعله فكانت جالسة في هدوء الملائكة.. الا انه لا يرى الصورة كاملة.
يتبع
اليوم الخامس
كانت تجلس ممددة ذراعها على الدكة لزميلتها التي تجلس امامها.. والتي تقوم بدورها في عمل البادكير.. لشوشو.. اى تجميل الاظافر.. وفجأة فتح باب الفصل.. فزعت ساره ووقعت على الدكة التي كانت ترقص عليها.. بينما انكبت زجاجة المانكير على ايدي شوشو وأصبحت كأنها ملطخة بالدماء.
دخلت الاستاذة حفيظة عبد القوي او ظاظا عساكر.. الى الفصل وهى اقوى من اى المخلوقات التي تعيش حول المدرسة والمدارس المجاورة فهى سيدة عريضة المنكبين يحمل وجهها الكثير من التفاصيل الحادة جدا.. ولها صوتا جهورا اجش.. ترتدي دوما الملابس ذات الالوان الداكنة.. وتلازمها خرزانه طويلة.. تمشت قليلا في الفصل وتوقفت امام شوشو.. ونظرت لها نظرة ثاقبة.. بينما الاخرى تخبئ يدها.. وقالت لها في حديه معهودة : انتي قومي..
وقفت شوشو بينما الجميع ينظر لها في ترقب لما سيقع عليها.. التفت ظاظا عساكر فجاة الجميع نظر أمامه .
ظاظا عساكر : تعالي ورايا
خرجت من الفصل وخلفها شوشو بينما الباب مازال مفتوحا.. والهمس واللمز هو ما يحدث الان داخل الفصل.
حاول سنايبر ان يتخذ مكانا ليتلقط منه ما يحدث الا انه ولاول مرة يفشل..!!
لم تعود شوشو مرة اخرى للفصل.. او قد تكون عادت لتأخذ حقيبتها دون ان يراها سنايبر.. سأل عنها صباح التي تجلس إلى جوارها لكنها لم تجيبه بشئ سوى اخراجها لشفتها السفلة في حركة "معرفش" الشهيرة.
حاول ان يعرف أى شئ عنها لكن كل محاولاته فشلت في معرفة مصير حبيبته.. بينما قابلته ساره.. ونظرت له نظره طويلة.. وقالت له وهى تمر إلى جواره في الشارع الخلفي للمدرسة والتي تذهب إليه لتدخن السجائر مع صديقتها.. تلاقيها "اتخنزرت" في إشارة لمرضها بانفلونزا الخنازير.. او يمكن تكون عملت مصيبة.
حاول مرارا وتكرارا الاتصال بها الا ان هاتفها دوما مغلق وهاتف البيت الذي كان يتصل به من أى سنترال يرد عليه إما اخوها الاكبر أو والدها.. جن جنون سنايبر.. وحاول معرفة أى اخبار عنها دون جدوى.
لعب اكثر من مباراة كرة قدم وكان ادائه سئ جدا في ذات اليوم ودون ان يحرز اى اهداف كما هزم في لعب البلاى استيشن التي دوما يحرز فيها "هاى سكور" لانه لدية قدرة عالية على المناورة والسرعة في استخدام الاسلحة المختلفة في الوقت المناسب.. الا ان تركيزه يكاد ان يكون منعدما.. كما ان اخبار ابو الفتوح التي تكاد تكون روتينية وغير وفية باى تطور قد تكون اثرت عليه إلى حد ما.. سنايبر يعيش حالة من حالات الهدوء الداخلي بالرغم من الصراع الذي يعيشه بسبب عدم معرفته أى اخبار محبوبته.. التي اختفت امام عينيه في جو مشحون به الكثير من القلق والتوتر.
جلس على القهوة بجوار اصدقائه الثلاثة كل منهم يفكر في مقلب جديد جديد جدا على غير العادة كنوعا من التجديد.. ترددت على مسامعه خلال ساعة كلمات متشابهة مثل "دي اخر حاجة.. الفكرة دي جديدة.. قشطة" دون ان يلتفت إلى ما يتضمنه الحوار بشكل اساسي.. فكان مثل التائه في المولد.. يسمع الضجيج ويمشي وسط الزحام دون ان يعبأ بشئ.
ذهب للبيت سمع خناقه بين اخيه الصغير وامه دون ان يدرك سبب الخناق دخل الى غرفته ومازال الصوت مستمرا من الخارج.. دخل في الاخير اخيه الصغير وهو يبكي بشكل هستيري وجلس امامه.. فسأله عن سبب بكاءه فقال وهو يتشحتف من البكاء انا عايز كمامة.. الميس قالت اللي ممعوش كمامة ميجيش عشان ميتعديش من اصحابة ولا يعدي حد.
نظر له بتأمل شديد متذكر أبو الفتوح وهو يعطس بشكل هستيري ويقول انا بردان والى جواره الشباك المكسور.. وباقي الشبابيك بدون زجاج اساسا.. وحالة الهلع التي سادت طلبة الفصل ولحظة هروبه.. وكيف كان اول الفارين خارج الفصل.. رتب على كتف اخيه الصغير الذي مازال في الصف الثالث الابتدائي ووعده بان يشتري له الكمامة.. خلد الاخين الى النوم لكن كان نوما غير هادئا بالنسبة لسنيابر.
يتبع
اليوم السادس
بدأت اعراض الانفلونزا على الاستاذة نظيرة حافظ في الظهور.. فقد استشعرت ارتفاع درجة حرارتها وبعض من الصداع والرشح وكذلك العطس بين الحين والاخر.. دخلت إلى غرفتها واحكمت غلق الباب جيدا بعد ان تأكدت أن لم يلحظ ذلك احد من افراد اسرتها.. وقفت أمام المراة ونظرت لتجاعيد وجهها وتأكدت ان الثلاث شعيرات البيض لم يزد عددهم في رأسها.. كانت تنظر لنفسها نظرات تراها لاول مرة.. احست ان دورها في الحياة تضائل ولذلك فهي حتما ستكون النهاية.
فزعتها عطسه كانت قوية اصطحبتها رعشة شديدة القوة.. فتح باب غرفتها فجأة فزعت.. فوجدت ابنتها ذات الاربعة عشر عاما فنهرتها واغلقت الباب مرة اخرى.
استلقت على السرير تستعيد ذكرياتها السعيدة والبائسة متذكرة مواقف كانت فيها فجة مع بعض الاشخاص.. ولذلك فتشت في الهاتف الجوال الخاص بها على ارقامهم لتعتذر لكن بعضهم فقدته في دروب الزمن.. حاولت الاتصال بصديقتها رنيم التي تعيش في امريكا لكن ردت عليها امراة كلنا نعرف مدى سخف صوتها قائله لها "عفوا لقد نفذ رصيدكم.." بدات تشعر بتزايد العطس.. وكذلك الافرازات التي تسيل من منخارها الدقيق.
وضعت كيس المناديل إلى جوارها.. واستمرت في عمليات التفكير والنف والعطس حتى غطست في النوم دون ان تدرى.. دخلت ابنتها إلى الغرفة واخذت سماعة الهاتف اللاسلكي وخرجت في هدوء.. اتصلت بصديقتها وظلت تتحدث في عددا من المواضيع والحكايات التافه منها عن جروب جديد اشتركت فيه على الفيس بوك وشراب جديد اشترته صديقتها وما يعانوه من ملل في المدرسة لعدم رؤيتهما لبعض.. حتى ادركهما النعاس على لقاء في نهاية الاسبوع حيث كل منهم يذهب للدراسة في يوم غير الاخر.
في الصباح
استيقظت ابنتها ريم وارتدت ملابس المدرسة وانتظرت الباص الخاص بها بينما والدتها كانت غاطسه في نوم عميق.. استيقظت منفزعه من النوم والساعة كانت في تمام السابعة صباحا انحشرت داخل ملابسها وهرعت إلى الادارة التعليمية متظاهرة بان صحتها جيدة.. رفضت اكل بيضه مسلوقة قدمتها لها زميلتها في المكتب واكتفت بشرب الشاي بالبقسماط وقطعة من الجبن النيستو.
اجريت عددا من الاتصالات بعدد من اخوتها للاطمئنان عليهم حتى جاء موعد الفسحة لتتصل بابنتها.. اطمئنت عليها في اخر دقيقة من رصيدها.. ارسلت الفراش ليشتري لها كارت شحن من المحل الموجود إلى جوار الادارة التعليمية فور وصوله شحنت الكارت الجديد وتوجهت إلى دورة المياة واحكمت اغلاق الباب واتصلت بصديقتها رنيم.. وحكت لها عن كل ما حدث في المدرسة التي توجهت لها وعن انها مصابة ببعض الحرارة التي وصلت للـ 38 درجة مئوية وانها.. لكن صديقتها اعتذرت عن استكمال المكالمة بسبب انها مازالت في العمل وانها لن تستطيع التحدث اكثر من ذلك على وعد منها ان تتصل بها ليلا بالقاهرة.
استشعرت الاستاذة نظيرة أن رنيم قد تكون تتحجج بذلك وانها لن تتصل بها.. وانها وانها.. وظلت تدور بداخلها الشكوك.. افزعتها عطسه قوية جديدة.. وقرع على الباب تأكدت أن حالتها مازالت متماسكة فتحت الباب فكان في الخارج زميله لها تلتقي بها كل الحين والاخر اقتربت منها لتصافحها بالاحضان الا ان نظيرة كانت متحفزة وابعدتها بابتسامة رقيقة.
وهرعت إلى مكتبها كتبت التقرير عن حالة الطالب محمد ابو الفتوح عوضين.. وكانت الساعة في حدود الواحدة ظهرا اغلق الباب وفرشت سجادة الصلاة واقيمت صلاة الظهر.. داخل المكتب.. وفتح الباب مرة اخرى لتزداد الحركة في المكتب.. دخلت إلى المكتب "تشين شو ينج" القت التحية السلام عليكم.. ابتسم لها الجميع مرحبين بها بحفاوة جلست إلى جوار الاستاذة حفيظة.. الواقعة إلى الشمال الشرقي من الجهة الغربية للاستاذة نظيرة اى تجلس امامها.. واغلق الباب واخرجت عددا من جلاليب البيت عج المكتب بالزحام فكل مكتب اتصل بالباقي حتي اصبح من داخل الغرفة اكثر من 20 امراة وانسة منهم من اختار لنفسه أو لبناته وهكذا تنوعت السلع بين ملابس البيت وقمصان النوم.
كان المكتب متحولا لسوق به انواعا والوانا من الملابس الحريمي سواء الداخلية او الخارجية.. استشعرت الاستاذة نظيرة بعطسه قادمة من الاعماق الا انها تماسكت وكبحت زمامها الا ان منخارها كان يحرقها.. وضعت على انفها منديلا اخرجته من حقيبتها شعرت ان قدرتها بدات تفقد عن العطسة التي تريد الخروج من اعماقها.. اعجبها جلبابا فهمت على ان تبدي اعجابها.. لكن ما حدث كان غير متوقعا.
عطست الاستاذة نظيرة ثلاث عطسات قوية نظر لها الجميع باستغراق واستغراب.. شديد.. والتصق الجميع إلى الحائط في المواجهة بينما تشي قالت بصوت مسموع "هينج سو لي في" وكررت الكلمة اكثر من مرة نظر لها الجميع ثم نظرت لهم تشي وقالت اتش وان ان وان.. صرخ الجميع وهرعوا إلى الخارج تاركين محل الشواربي.. حتى الاستاذة حفيظة التي تتحرك ببطء شديد بسبب ما تعانيه من خشونة في الركبة كانت اول الخارجين من الغرفة.. بينما كان بعض السيدات في ايديهم بعض الملابس.. وكأن زلزالا ضرب المكتب فالكل بالخارج ونظيرة قابعة على نفسها متمنية ان تنشق الارض وتبتلعها.
يتبع
اليوم السابع
استيقظت على صوت نداء امي المتواصل الذي لا يتخلله أى نوع من الفواصل.. فكانت تقف في المطبخ وصوتها يملاء الحى.. بنداء واحد لا يتغير.. يا ممدوح يا ممدوح يا ممدوح يا ممدو.. وقفت على السرير معلنا استيقاظي.. وقفت أمي امامي وهي تقول يا بني انت اتاخرت الساعة سبعة ونص نظرت للساعة فكانت في تمام السادسة والنصف فرديت عليها يا امي هاتي ساعة ديجيتال.. فاعتقدت ان "ديجيتال" تحمل معنى غير مستحب فردت على متلم نفسك ع الصبح وقول يا صبح.
دخلت إلى الحمام واستغرقت وقتا طويلا.. بين المحاولات المستميته لاخراج قطره ماء من فوهة الصنبور الذي كان يخرج منه صوتا محشرجا وبعض البخات التي تؤكد على اصابة الصنبور بالكحة.. غفوت قليلا على امل ان تنهمر المياه الا ان سرسوبا ضعيف بالكاد كان يتسرسب من الصنبور وكاننا نعيش في دولة لا يجري بين احضانها نهر النيل.. تذكرت مقولة مصر هبة النيل.. وتأكدت من صحتها فاننا هبه للنيل وليس العكس فنحن ضحايا.
لحوست وجهي وبللت شعري ووضعت عليه نصف كيس الجيل.. وخرجت إلى غرفتي ومنها إلى الشارع كانت الساعة السابعة والربع وانا امام باب مدرسة شوشو.. كنت اردد اغنية فيلم "طير أنت".. التي تقول "متكونش اى حد الا نفسك".. كان الشارع ممتلئ بالمخبرين كالعادة.. مشيت في خطوات ثابته إلى أن صادفت صباح صديقة شوشو.. وأكدت انها لا تعرف أى شئ عنها لكنها من المحتمل ان تراها اليوم في درس الجغرافيا بالمركز المتواجد في الجامع.
ذهبت لمدرستي على صوت كابتن شافعي ذو الحنجرة الجبارة وذو الكرش الممتلئ فكان من طموحاته أن يكون ملاكما مصريا عالميا لكن القدر ساقه إلى مدرستنا التي تعين فيها منذ 15 سنة مكانة المفضل هو الفناء.. يجلس على احد الدكك المهكعه وامامه في الصباح صنية من عم حسين صاحب عربة الفول عليها كل ما لذ وطاب من الطعمية الساخنة وطبق الفوال الدوبل بالزيت الحار والبصل الاخضر وما لايقل عن أربعة أرغفة كبار محمصين.. ليمارس هوايته المفضلة بعدها الغطس في حالة من الغيبوبة التامة والتوهان.. تمر الساعات طويلا وهو غاطسا في مكانه يبحر مع أسماك الزينة.
يمر عليه بعد ان يستفيق يعوض الله صاحب صنية الكرشة ولحم الرأس الذي يدور في منطقة مدرستنا ليأخذ منه طلب دوبل.. لم تنتهي وجبته كاملة الدسم الا بسبوسة ساخنة ذات رائحة مميزة بالمكسرات والقشدة من الحلواني المتواجد على الناصية.. "حمادة سويت".. وبعدها يغيب ما يقارب من ساعتين ليظهر في خطوته المتثاقله الدابه في الارض والتي يظهر فيه ظلال كرشه المتدحرج أمامه في صورة توضح مدى قدرة دوران الارض حول نفسها يوميا وعلى متنها بطل رياضي عالمي افنى حياته في التحضير ليوم التدريب.. البعض يقول انه يدخل لحجرة التربية الرياضية ويستغرق في النوم.. والبعض الاخر يقول انه يذهب للجيم.
كان صوته عاليا يخرم طبلة الاذن.. البهايم اللي واقفة برة مستنية ايه.. عايزين حد يدخلهم عشان يقفوا في الطابور.. ااقفل الباب ااقفل الباب.. اجري شوية.. هذه هى الوصلة اليومية التي يلقيها على مسامعنا.. اصطففط في الطابور.. مدرسة صفوا.. مدرسة انتبوه.. مخارج الفاظه تشوهت بسبب ضغط احشائه الداخلية على المنطقة الواصلة بين الزور والاحبال الصوتيه.
بدء الهادي عبد السميع تلاوه ما تيسر من سورة ياسين.. ثم قراء النشرة النابغة عبد الله عبد الموجود كانت تحمل بين عناوينها :
ـ الرئيس يطمئن على سير العملية التعليمية بانتظام
ـ الاشتباة في اصابة اربعون طالب على الاقل بانفلونزا الخنازير
ـ اسرائيل تجتاح المسجد الاقصى
ـ اجتماع طارئ بجامعة الدول العربية لوقف تهويد القدس
وفي وصلة اخرى من التلعثم قرأ احد العيال في سنة اولى الفرق بين الانفلونزا العادية وانفلونزا الخنازير.. ثم هل تعلم.. اخذ منه عبعليم الناظر الميكرفون ليؤكد ان المدرسة مازلت بخير وكرر ما يقوله كل يوم "اللي هيسرق الصابون اللي في الحمامات هيتعبط على رجلية.. انا امبارح حطيت اربعتاشر صابونة انهاردة مفيش غير صابونتين وبروة.. استخدموا الصابون بشويش شوية وبلاش تسرقوه.. حرام عليكم.. وقف احد طلاب المدرسة واعطانا ظهره ونظر لاعلى نحو العلم وكرر تحيه جمهورية مصر العربية ثلاث مرات.
كانت الحصة الاولى كيميا.. لسهام تتميز دوما حصصها الاولى بأنها تكون مازالت ببريق مكياجها الذي لم يتكحول بعد وملابسها مازالت مهندمة.. وقفت في منتصف الفصل وظلت تحكي لنا عن المسرح المدرسي وبالخصوص المسرح الاستعراضي في مصر وانه كان ذو قيمة عاليه وعن دور فرقة رضا وكانت الابتسامة لا تفارق وجهها وكانها تنساب مع الكلمات التي تقولها.
انتهت حصتها سريعا ودخل عبعليم ليطمئنا على ابو الفتوح وانه سيعود غدا إلى المدرسة بعد ان تأكدت عدم اصابته بالمرض اللعين وانه كان مجرد دور برد عادي جدا.. وانه اخد العلاج وحالته تمام دلوقتي خرج فور دخول الاستاذ عبسميع مدرس اللغة العربية.. الذي عاش في السعودية فترة إعارة واقام فور عودته مزرعة مواشي في بلده بالقرب من الشرقية ولا يعطي دروس خصوصية حصته تتسم بالشرح دوما ونادرا ما يحكي لنا عن ذكرياته ايام الشباب الا أنها تكون حكايات ممتعه تتوسط الحصة.. تذكرنا بالفواصل الاعلانية التي تقطع ملل المسلسلات التليفزيونية في رمضان.
كانت الحصة الثالثة ألعاب اخذنا كرة القدم ورشينا الجير بعد رش الملعب بالمياه سريعا.. تمكنت من احراز هدفين متتالين في الدقيقة 15 و17 من الشوط الاول وعلى الرفيع احرز هدف في الدقيقة 19 من نفس الشوط بعد تمريره قوية من بازوكه انتهى الماتش بنتيجة خمسة اهداف نظيفة مقابل لا شئ لصالح فريقنا.. قمت بعدد من الحركات الاستعراضية والمسرحية مثل الجرى في اخر الملعب والنظر لاعلى لكى ارى الفصول التي خرجت لتشاهدنا.. وايضا السجود في وسط الملعب لكسب اكبر وقت من زمن المباراة.. والتهليل والانفعال المبالغ فيه.. فكلها حركات مدروسة تميز بها كبار لعيبة كرة القدم ومن دونها تصبح المباراة بلا طعم.
وقف النابغة بعد المباراة وسط فريقة المهزوم يحلل المباراة قائلا ان مستوى اللعيبة كان ضعيفا وذلك راجعا إلى سوسو فتاة البلكونة الشهيرة التي تقف في بلكونتها بشورط قصير وترقص او تستعبط في غرفة نومها وانها هي السبب وراء تراجع مستوى فريقه الا ان الهادي هاجمه وقال إنه لا يشاهد سوسو وانه يرجع سبب الاخفاق في المباراة إلى تراجع الوازع الديني.
انتخه كان معه عددا كافيا من السندويتشات لاطعام الفريق الرابح وكانت تتنوع بين البسطرمة بالبيض والبلوبيف والشيدر المستوردين من الخارج إلى جانب المخلل المشكل وعلب العصير اكلنا ما كان معه من سندويتشات.. وتخلل ذلك خطف السندويتشات والحكى عن تمريرات الكرة فيما بيننا والحرفنة التي وصلنا لها.
قفزت من على السور وكان بمرافقتي باقي اضلع مثلث الرعب توجهوا إلى المقهى.. وتوجهت أنا إلى مدرسة شوشو ولم أعرف أى أخبار جديدة.. لكن وانا في طريق العودة للقهوة.. لمحتها تسير في اخر الشارع وكانت تحمل حقيبة بها بعض الخضروات مشيت خلفها ولحقت بها إلى أن رأتني ودخلت أحد الشوارع الهادئة.
أفهمتني أن أحد اقاربها رأنا يوم ما كنت أوصلها للمدرسة وأبلغ والدها وهذا هو سبب تغيبها لكنها تشتاق إليه جدا كما تعرف مدى قلقه عليها.
اتفقت معها ان نلتقي في بداية الاسبوع القادم عند كشك السجائر المتواجد على ناصية شارع مدرستها في الصباح الباكر وقبل طابور المدرسة.. ابتسمت وصافحتني وشددت عليها.
وانصرفت إلى القهوة ثم توجهنا إلى البلاي ستيشن واتفقنا على ان نلتقي بعد العصر في القهوة لنلعب ماتش كورة في الشارع الجديد.. بالرغم من انه تم انشائه قريبا الا انه بدون عواميد انارة مما يجعلنا نشعل النيران في الزبالة التي تملائه لنرى الكورة.
ذهبت للبيت صرخت امي في وجههي لعدة اسباب الاول هو انها قالت لي انها تريد الذهاب لاختها اليوم والثاني بسبب تأخيري والثالث اتساخ ملابس والرابع لم اتذكره الآن.. تلحوست في الحمام بمياه كانت مخزونة في اناء وخرجت لانحشر في ملابس العيد كانت الساعة في تمام الثالثة ظهرا.. وكان يرافقني على متن هذه الرحلة حمودة الاوزعة اخي الاصغر.. في الصف الرابع الابتدائي ولدية قدرات رخامة يتفوق بها ويتميز على اى شخص بالعالم.
استغرقت رحلتنا حوالي اربع ساعات للتوجه إلى خالتي.. انحشرنا في البداية في توك توك لنخرج به إلى الموقف ثم ركبنا ميكروباص لنصل لميدان رمسيس.. ثم ركبنا ميكروباص لاقرب مكان ثم اوتوبيس من ابو جنية ونص وطلع مبيروحش.. ثم ميكروباص حتى وصلنا في تمام السابعة.
استقبال خالتي كان حافلا بنا كالمعتاد فزوجها بعد ان سافر إلى الخليج وعمل عند احد الامراء هناك "تنغنغ نغنغة لم يتنغنغها" احد من قبل في دول الخليج العربي.. فاشترى شقة لكل من ابنائه وسيارة و"صيغة" لخالي وسيارة بالسواق لها.. وقالت منا قولتلك يا ام ممدوح كنت بعتلك السواق يا اختي
نظرت لامي باستهجان وتوجهت لغرفة هشام ريموكس.. الفارق العمري بيني وبينه ليس كبيرا فهو في ثانية كلية خاصة بالسادس من اكتوبر.. استقبلني استقبالا حارا.. كان يسمع ريمكس لاغنية الست للمطرب محمود الليثي.. وفي الخلفية اغنية اجنبي قال انها "هوب هوبؤ" فهو دائم الابتكار في الريمكسات.. كما انه مثقف جدا ويحب القراءة فكان يمسك في يده كتابا سالته لمن فقال دة كتاب "الضوء الغارب والباب الموارب" للكاتب الصعيدي هريدي الحديدي.. الذي كتب يوميات "لطخ في طخ" وصاحب الرباعية الشهيرة "يا فاعصني وجمبك فاضي وسايبني عمال انادي يعني اروح اشتكيك للقاضي وله هتفسح كدة شوية".. وصاحب سلسلة الاثارة والغموض التي تسببت في هزيمة روميل والتي تروي مغامراته مع ريتشارد الانجليزي.. الذي يرمز فيها لتعدد الحوارات بين العرب والغرب.
حتى قطع الحكايات المثيرة عن هريدي نغمة موبايله شديدة الازعاج فاطاح بالكتاب في الهواء وظل ينظر للموبايل طويلا اعتقدت انه لن يرد.. لكنه توجه إلى اخر الغرفة الواسعة ورد بصوت خافت لا استطيع ان اسمع منه شئ التقطت الكتاب الذي سقط على الارض وكان الفصل الاول معنون بشمروخان شمرخ.. لم افهم شئ من السطور الاولى التي تلعثمت في قرائتها.. فتأكدت مدى القدرة التي وصل لها هشام.. انتهى ريموكس من تليفونه.. وقال لي انا لازم انزل حالا.. تيجي معايا
وافقت على الفور.. تسللت من باب المطبخ لكى لا تراني امي..
فكرة وتأليف / وائل الغزاوي
** نشرت هذه السلسلة من الحلقات في موقع عشرينيات